Saturday, November 17, 2012

وطن لا نحميه ... لا نستحق أن نعيش فيه !!!!!


وطن لا نحميه ... لا نستحق أن نعيش فيه !!!!!



 
د. سامي بن عبدالعزيز النويصر
رئيس مجلس ادارة مجوعة السامي القابضة
 
إن العنصر الأساس للدول هو عنصر الاستثمار الحقيقي "العنصر البشري" وبذلك تقاس الشعوب وتقيم بمدى تقدمها حضارياً واقتصادياً ، وفي المملكة فإن أغلبية سكانها (اكثر من 50 % دون السن 25 سنة ) وهذا بجميع المعايير يعني أننا نعيش في دوله يافعة عندها مقومات تحديد المسار الذي تريديه و بمرونة أكبر بكثير من الدول الأخرى .
 إن هذا الجيل الصاعد من شريحة الشباب هو اللبنة الأساسية لمستقبل هذا الوطن ، إلا أن كثير منه يعيش حالة مستمرة من ضياع الوقت والطاقات المهدرة والفراغ الكبير الذي قد  يدفع بالبعض منهم إلى سلوكيات وتصرفات انصرافية خاطئة عديدة لملء فراغهم إلى جانب الانحراف الروحي و الأخلاقي و السلوكيات الأخرى التي تفضي الى المحرمات وهلاك النفس وكلها كوارث والعياذ بالله ، وكل ذلك وغيره يغلي تحت بركان الشباب و في محيط حياتنا والذي لا نعرف توجهاته بعد ونحاول جاهدين ان نتعرف على ملامح وطبيعة ومحتوى ذلك البركان الذي قد يثور ويلقي بحممه الملتهبة في أية لحظة ، والغريب في الأمر أن  الوقت يمضي سريعاً ونحن اشبه ب المغيبون  ولا كان الموضوع يخصنا او يعنينا ولا ندري مصير ذلك البركان الهائل وكأننا نعيش وننام و في أيدينا قنبلة موقوتة ومن حولنا ذلك البركان !!!!!! وغاية جهدنا أننا نطرح حلول الأمس لمشاكل اليوم ونتعامل مع هذا الموضوع بتوجس وإيماءات وإشارات ومسكنات ترضينا وقد تفرح بعضنا بهدف طمأنة النفوس من هذا الداء العضال والمصير الخطير .
وليت الحال انطوى على هذه المشكلة فحسب ، إلا أن هنالك مشكلة أخرى تبلورت من الفرد الذي هو جزء من المجتمع في عدم تأهيل المجتمع وعدم اكتراث وانضباط الكثير من المواطنين وتقديرهم لعنصر الوقت والنظام ، مع أن ديننا الحنيف وتعاليم شريعتنا الإسلامية يشكلان أرقى وأكبر مدرسة انضباط ورقي للبشرية  جمعاء في حين أن البعض على النقيض تماماً ، الأمر الذي حدا بالبعض الى الاستياء من هذه الظاهرة السيئة والتي أضحت كأنها ثقافة اجتماعية ومسلمه و وصمة عار ومهزلة تلاحقنا واصمة إيانا بالتسيب وعدم احترام النظام ، وإزاء ذلك  قام بعض امراء المناطق بتسليط الضوء عليها ومنح كراسي علمية للحد من تلك المشكلة و الرقعة متسعة !!! وهذا اهتمام وتوجه يُشكرون عليه ولكن ينبغي في هذا المضمار النظر والتمعن ملياً في جذور المشكلة وعدم التعامل مع الظواهر فقط بل الغوص في كبد الحقيقة حتى يجيء الدواء الناجع متسقاً مع حالة الداء .
إن المملكة ــــ ولله الحمد ــــ قد حباها الله بموارد وميزات عديدة أكثر بكثير من غيرها من تعدد سكاني معقول 23 مليون مواطن و موارد طبيعية واحتياطيات مالية تُعد الأعلى عالمياً ، فضلاً على المكانة والريادة الدينية المتمثلة في الحرمين الشريفين على أرضها الطاهرة ، إلا أنه وللأسف لم يتم إدراك أو محاولة الوقوف على أهمية تلك الخصائص الفريدة وعناصر الموقع والموارد وإبرازها وتقديمها على الوجه المطلوب للعالم و لو حدث  ذلك لفرضنا أنفسنا  باحترام القانون والنظام والقوة الاقتصادية وفرضنا قوتنا بالتفاوض و الحجة والتعامل الحضاري و بالتعامل المتبادل بالمصالح مع الآخرين بالندية المطلوبة .
وبرغم ذلك كله ، فهناك بعض التشوهات التي يجب إزالتها حتى لا تؤثر على الصورة الوضاءة والمشرقة للمملكة ، فعلى سبيل المثال لو نظرنا إلى سوق العمالة الذي يعد بمثابة الركيزة الأساسية للاقتصاد والمجتمع لوجدنا اننا نعتمد كلياً على أيدي عمالة أجنبية محضة( 8 مليون) والجزء الأكبر تُعد عمالة غير ماهرة ، في حين  أن أبناء الوطن يعيشون بطالة مستفحلة ولا يحصلون على وظائف، فهم إما عالة على ذويهم أو يعتمدون في معيشتهم  على "حافز " ( أكثر من مليون وثلاثمائة مواطن سعودي) أو يطرقون أبواب الغير لمساعدتهم  ، والمؤلم في هذا الجانب ارتفاع نسبة البطالة مع وجود الوظائف خاصة الحرفية منها كالسباكة والحدادة والنجارة وتصليح الالكترونيات وغيرها ، وليت الأمر كان محصوراً في دائرة الشباب ولكن تتسع الدائرة لتطول حتى  الشابات كذلك .
إن كل ما سقناه من مشاكل وظواهر هي حقائق نعيشها ونلمسها على أرض الواقع ، بل إنها أصبحت معلومة للقاصي والداني وهي جزء من الصورة الكبيرة عن الوضع العام ،وإن  الكثير من الدول يخطط و يحيك المكائد والدسائس لإيجاد بيئة خصبة وخلق أزمات أخلاقية بشعة  لم تر البشرية أو التاريخ الإنساني مثيلاً لها ، ولا أقول أننا مستهدفون ، بل أرفض ذلك رفضاً قاطعاً لأن تجيير الأزمات لنظرية المؤامرة والاستهداف دون أن يكون لنا دور في هذه الأزمات ، قد ولى زمانه ولم يعد ينطلي على أحد ، ففي هذا السياق يطرح القول المشروع نفسه : أين خططنا وأين رؤيتنا المستقبلية لحماية هذا الكيان الغالي الذي أوجده الملك المؤسس بالجهد والعرق والعمل الدؤوب وحافظ عليه من بعده أبنائه من الملوك الكرام ؟ .
إن جيل الشباب الذين هم المستقبل كله لهذا الوطن هم في أمس الحاجة لمشروع حضاري لتنشئتهم حتى يكونوا على قدر الآمال المأمولة منهم في بناء هذا الوطن والحفاظ عليه ليظل كما كان دوماً في الصدارة بين أوطان وأمم العالم ، وعلى رأس هذا المشاريع الوطنية يأتي التجنيد الإجباري لشبابنا والذي أخذت به الكثير من دول العالم كتجارب ناجحة لا سيما التجربة الكورية الجنوبية والسنغافورية والكثير من الدول التي حولنا من عدو مثل ايران واسرائيل وصديق مثل تركيا والدول المتطورة مثل سويسرا واستراليا والدنمرك والبرازيل وامريكا و الأخرى لصقل الشباب وإعدادهم لتحمل المسؤولية والإسهام في عملية التنمية الاجتماعية من انضباط وحرفية والحفاظ على نظافة البيئة وجيل انتاج واحترام للأنظمة والوقت والعناية الصحية والذهنية الصحيحة للبناء والمسؤولية الاجتماعية، فضلاً على فوائده الوطنية  والاقتصادية والاجتماعية العديدة ومردوداته الواضحة والمجربة في تلك الدول ، حيث إنه يشكل أحد دعائم الأمن والأمان والبناء والعمران للوطن بجانب دوره في مكافحة الإرهاب
إن تجارب الغير في مشروع  التجنيد الإجباري للشباب تستوجب منا الدراسة والاهتمام وتصويب الأهداف صوب التنمية البشرية أولاً وقبل التنمية المادية او المعمارية فبدون تنمية المواطن وتأهيله لن يُكتب النجاح لكثير من خطط التنمية النجاح ، كما أن  تلك التجارب مثل كوريا الجنوبية وسنغافورة وغيرها قد ارتقت بتلك الدول من دول العالم الثالث إلى مصاف العالم الراقي و الملتزم بالانضباط واحترام القانون وحب العمل وانخفاض نسب الجريمة و النظافة البيئية والصحية، مما انعكس نماءً وازدهاراً  اقتصادياً على مستوى الفرد والوطن.
إن المملكة ولله الفضل تمتلك احتياطات مالية عالمية و موارد مغرية وموقع جغرافي فريد وثروة شبابية هائلة ، والأهم مكانة دينية مرموقة ، حيث أكرمها الله بوجود الأماكن المقدسة في ثراها المبارك ، لذا فإن الواجب يحتم الحفاظ وحماية كل تلك النعم والانجازات والمشاريع العملاقة من أن تتحول  إلى غنائم ومكاسب للغير ( لا سمح الله ) ، حيث لن يغفر التاريخ لنا تلك الاستكانة او الاعتماد على الغير في بناء وطننا ، فقد حان الوقت لتبني مشروع التجنيد الإجباري للشباب السعودي بسرعة  حيث إننا لسنا الأولين في هذا المجال ، خاصة في ظل التهاب واضطراب المنطقة ، وكما قال خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله (حفظه الله ) في إحدى المحافل الرسمية إن المنطقة قابلة على الاشتعال وتحفها الكثير من المخاطر فيا ليت صوتي  يصل إلى ولاة الأمر (رعاهم الله ) ذلك بأني على يقين بأن قادتنا هم من أدركوا وجسدوا روح الوطن و رفعوا شعار "" وطن لا نحميه لا نستحق ان نعيش فيه !!!!!!  فالأوطان لا يبنيها ولا يحميها إلا أبناؤها ، كما أنه البوتقة التي تنصهر فيها قدرات وعزائم وطاقات الشباب للبناء والعمران تكون هي الخطوة السليمة على طريق الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي وإحلال ثقافة عمل جديدة وتأهيل والالتزام بعنصر الوقت والنظام حتى نبني ونحافظ ونعلو بالوطن إلى مكانته المنشودة علياءً وعزةً ورفعةً ومجداً .


No comments:

Post a Comment