Saturday, April 5, 2014

تنويع الصناديق السيادية يعزز قوة المملكة في التكتلات المالية

تنويع الصناديق السيادية يعزز قوة المملكة في التكتلات المالية

1 / 1

الجزيرة - نواف المتعب:

دعا مختصون إلى ضرورة التركيز عـــلى الصناديق السيادية وتنويعها كونها ستعطي فرصاً أكبر في تعظيم العوائد وتقليل المخاطر على الاقتصاد، كما أنها تُعد محركاً إستراتيجياً نحو التأثير القوي عالمياً عبر التكتلات المالية العالمية. وقــال الاقتصادي الدكتور سامي النويصر إن الصناديق السيادية هي الذراع الاستثمارية في دول الفوائض المالية ونستطيع أن نقول إن المدخلات المالية لتلك الصناديق وبخاصة في مراحل التكوين هي من إيرادات الدولة ثم تستثمر وتدار بحرفية واستقلالية تامة مثل إدارة القطاع الخاص الاستثماري، بل أفضل قدرة لوجود كفاءات عالية من التأهيل والخبرة مع وجود مرونة القطاع الخاص في تعامل الصندوق.
وقال إن الدول التي أنشأت صناديق سيادية هي إما أنه تمتلك ثروة طبيعية من تصدير وبيع الغاز والبترول وغيره أو نتاج صناعة وتصدير وتعاملات تجارية مثل الصين وسنغافورة وغيرهما.
وهناك عديد من الدول تملك صناديق تتجاوز قيمتها تقريباً أكثر من 5.2 تريليون دولار حول العالم وحققت نمواً كبيراً ومن ضمنها صندوق التقاعد للنرويج 818 مليار دولار و جهاز أبوظبي «اديا» تقريباً 773 مليار دولار وشركة الصين 575 مليار دولار وشركة سيف للاستثمار «الصين» 568 مليار دولار و هيئة الاستثمار الكويتية 410 مليارات دولار وشركة حكومة سنغافورة 285 مليار دولار وتيماسك سنغافورة 173 مليار دولار وهيئة قطر للاستثمار 170 مليار دولار، وصندوق روسيا 150 مليار، والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الصين160 مليار وغيرها من الصناديق.
وأضاف النويصــر: ما تملكه المملكة من مبالغ استثمارية تتجاوز 700 مليار دولار لا تزال تدرس موضوع صندوق سيادي استثماري واحد حيث يوجد لها عدة أذرع استثمارية وتدار بنفس المبدأ مثل الصناديق السيادية الواحدة المعالم من المحافظة على رأس المال وتقليل المخاطر وإيجاد بدائل دخل وأغراض وترتيبات حكومية.
وهذا الأسلوب من التعامل الاستثماري إن صح التعبير «الأســــلوب الاستثماري السعودي» له إيجابيــــات وسلبيات حيث يعطي الأمان الاستثماري بأنه مستثمر بعدة جهات وبأساليب متنوعة وفي نفس الوقت يحتفظ هذا التوجه بالخصوصية والسرية إلى حد ما أكثر من غيره، وكما أن هذا الأسلوب من الإدارة قد يعطي فرصاً للسحب والإيداع بدون إحداث أي معلومة رسمية في متناول الإعلام وليس كما لو أنه كان صندوق سيادي واحد وبذلك يحد من تأثير التقلبات المستقبلية وبخاصة السلبية على الوطن ومكانته المالية.
وتابع: من المآخذ الكبيرة على هذا الأسلوب المتبع من المملكة للاستثمار المالي الخارجي أنه لا يملك الحق القانوني المعروف ببعض الدول من صوت وتكتل عالمي، كما تملك الصناديق السيادية والتي هي قد تكون أقل إمكانيات مالية ولكن لها صوت إعلامي وثقل سياسي وقانوني حسب أنظمة الدول المستثمرة ولو بخلف الكواليس بما يعود بالفائدة لمواطني بلادها وأهدافها السياسية والثقافية بجانب تحقيق العائد المالي.
واقترح النويصر صندوقاً سيادياً استثمارياً باسم الوطن بجانب ما هو معمول به ولو بنصف المبلغ الحالي من استثمارات خارجية حتى يكون لنا فرص أكبر في تعظيم العوائد مع تقليل المخاطر دون إحداث ربكة للوضع الحالي من طلب فجائي للمال أو إحداث ضجة إعلامية أو غيره، وأن يكون للصندوق السيادي السعودي مساهمات فكرية للنفوذ السياسي بدول الاستثمار وهي بمواقع المخزون الفكري وهي المحرك الإستراتيجي لسياسات الغرب والتكتلات المالية العالمية والمقنن بها اللوبي والمسموح ضمن الأنظمة وثغراتها في اللوبي في أمريكا وأوروبا وغيرها لخدمة أهدافنا السياسية، وأن لا يترك المال بعيداً عن خدمة سياسة الوطن وبذلك تكون فائدته محدودة.
من جهته أشار الاقتصادي مسلط العجرفي إلى أن الأزمة العالمية أدت إلى إعادة نظر الدول المتقدمة في استثماراتها، وبالتالي تسعى إلى إحراز التنوع في حقيبتها الاستثمارية لهذه الصناديق حفاظاً على المدخرات أو المكاسب من العائدات ودعم أي طارئ لموازناتها سواء في حال حصول عجز أو أي أمور طارئة قد تحدثها المتغيرات الدولية وكذلك لتعزيز عملية التنمية ضمن إستراتيجيات تم التخطيط لها.
وأضاف العجرفي أن المتابع للأحداث على المستوى الدولي أو الإقليمي، وتحديداً ما حل في بعض الأقطار العربية يستنتج أن من إحدى الأدوات الرئيسية لإعادة الاستقرار هي الصناديق السيادية سواء من خلال الاستثمار المباشر في الدولة أو الاستثمارات البينية وما سيفرزه من إيجاد قواعد أساسية لعدد من المجالات، وبالتالي الاستفادة من إيجاد فرص للأيدي العاملة، وكذلك خلق مناخ آمن سواء داخلياً لهذه الدول أو للاستثمار الأجنبي، وفي نفس الوقت دعم الأسواق المحلية.
وشدد العجرفي بأنه قد حان الوقت لنا لتنويع أصول الصناديق واستثماراتها لتقليل اعتمادنا على النفط الذي شكّل مورداً أساسياً للمملكة، لذلك نؤكد أن خلق قنوات أخرى أمر مُلح لتسهم الصناديق السيادية السعودية بشكل فعّال لخطط التنمية الاقتصادية بالتنويع وبالحد من الاعتماد على النفط.

Thursday, March 20, 2014

اقتصاديون: اتفاقية الضبط مع الصين ستحد من تدفق السلع المغشوشة والمقلدة بنسبة 70%

الخميس 19 جمادى الأولى 1435 - 20 مارس 2014م - العدد 16705

طالبوا الجمارك بإحكام المنافذ وتطبيق العقوبات على المخالفين

اقتصاديون: اتفاقية الضبط مع الصين ستحد من تدفق السلع المغشوشة والمقلدة بنسبة 70%

 
    وجه عدد من خبراء الاقتصاد اللوم والعتب على المستوردين، بسبب تجاهلهم للمسؤولية الاجتماعية المناطة بهم تجاه مجتمعهم ووطنهم، نظير استقدامهم للسلع والبضائع المغشوشة.
وبينوا خلال حديثهم ل"الرياض" أن الاتفاقية الأخيرة الموقعة بين المملكة ممثلة في وزارة التجارة والصين التي تهدف لضبط عملية استيراد السلع المغشوشة والمقلدة إلى المملكة، سيكون لها الأثر الكبير والفعال على السوق والمستهلك المحلي، وستقوم بتحجيم عملية استيراد السلع المغشوشة والمقلدة إلى المملكة بما نسبته 70% على أقلّ تقدير، ويبقى الجزء الأهم على العملية الرقابية بداخل الأسواق المحلية.
يقول الاقتصادي فضل البوعينين إذا طبقت هذه الاتفاقية وفعّلت محلياً، فستحدّ بشكل كبير من تدفق السلع المغشوشة والمقلدة إلى المملكة.
وتابع لا بد من استكمال المواصفات السعودية؛ لما لها من دور في الحدّ من استيراد البضائع المغشوشة والمقلدة من جميع الدول وليس الصين فقط.
وشدد البوعينين على أهمية تكامل الجهود وتناسقها مع مختلف الجهات الحكومية الأخرى وعلى رأسها الجمارك السعودية التي من المفترض أن تكون خط الدفاع الأول عن الأسواق المحلية.
وحول وضع آلية معينة لربط أداء الجهات الحكومية قال البوعينين من المفترض أن يكون هنالك عمل جماعي بين الوزارات والهيئات، وأن لا نعوّل كثيراً على المستوردين؛ كونهم جزء من المشكلة ويجب العمل بمعزلٍ عنهم لا سيمّا في الجوانب القانونية، كما يجب عليهم استشعار مسؤوليتهم أمام الله عز وجل في المقام الأول تجاه مجتمعهم ووطنهم، وأن لا يقوموا باستيراد أي منتجات تضرّ بصحة الإنسان وسلامته.
من جهته قال المحلل المالي الدكتور سامي النويصر إن توجه المملكة الأخير بعقد اتفاقية مع الصين هو خيار استراتيجي هام؛ بسبب التغيّر الأخير في موازين القوى وأنها انتقلت من دول الغرب إلى الشرق، وأن هذه الاتفاقية لها فوائد كثيرة على المملكة والسوق المحلي والمستهلك، لا سيما وأن السوق المحلية في المملكة كانت خاضعةً لتجار الشنطة سنيناً طويلة، الذين كانوا يجلبون البضائع الرديئة وغير الجيدة؛ بسبب تركيزهم على السعر لا الجودة.
وأضاف هذه الاتفاقية ستعمل – بإذن الله – على إصلاح جزء كبير من الخلل الحاصل في السوق المحلية، وذلك من خلال الحد من السلع المغشوشة والرديئة بمقدار 70%؛ كون العلاج جاء من المصدر نفسه، ويبقى الجزء الآخر ملقى على عاتق الجهات الحكومية المناطة بالعملية الرقابية على الأسواق كجمعية حماية المستهلك والجهات الأخرى ذات العلاقة.



د. سامي النويصر

Thursday, January 9, 2014

حلول مقترحة لقروض الأفراد الاستهلاكية



صحيفة الاقتصادية الالكترونية
العدد: 7395   1435/3/8   الموافق: 2014-01-09


 

حلول مقترحة لقروض الأفراد الاستهلاكية

د. سامي بن عبد العزيز النويصر
إن للقروض الاستهلاكية للأفراد تأثيرا مباشرا ليس فقط على النواحي الاجتماعية والأخرى المهمة، بل إن من تأثيرها الاقتصادي السلبي في أهم عنصرين يمسان حياة المواطن ورفاهيته، وهما الدخل وتملك السكن، بحيث يضعف دخل المواطن المتدني ويجعل حلمه لتملك سكني بعيد المنال. وللخروج من هذه المعضلة الكبيرة، فإذا جاز لي أن أطرح بعض الاقتراحات المالية والعملية والسبل لحلولها وأوجزها في التالي:
1 ـــ تحويل كل القروض الاستهلاكية للأفراد 326 مليار ريال من حسابات الأفراد في المصارف المحلية لحساب الدولة في مؤسسة النقد، على أن يتم سداد المصارف من حساب الدولة، وبذلك تسقط تلك الديون عن الأفراد، خاصة أن الدولة تعيش أزهى عصورها المالية من احتياطيات عالمية تتجاوز 2.71 تريليون ريال ومستثمرة خارجياً بفائدة مصرفية تقارب الصفر وفي أبعد مدى 2 في المائة، فتستطيع الدولة أن تقوم بذلك التحويل دون أدنى تأثير بها، بل قد تكون فيه منفعة، حيث إن تلك الاحتياطيات الخارجية حالياً سالبة العائد، وبهذا الاقتراح يتم الاستفادة منها لسداد المصارف المحلية وبترتيب اقتصادي معروف. وبما أن للدولة مواقف مشرفة مع أغلبية دول العالم والغنية منها، حيث دعمت المملكة صندوق أوروبا أخيرا بـ 15 مليار دولار لتغطية مخاطر ديونها السيادية وغيرها من الدول العربية والأخرى، فالأولى أن تدعم الدولة الاقتصاد الداخلي والمواطن قبل أن تتوجه للدعم على الصعيد الخارجي. ومحليا فعلت ذلك سابقا قبل عقد من الزمن بأن دعمت الدولة أحد أكبر المصارف المحلية بتنظيف وإسقاط ديونه وضخ مال جديد آنذاك، حتى عاود عافيته وقوته المالية وأصبح الآن من أكبر المصارف الإقليمية وأقواها ماليا.
2 ـــ إن من فوائد هذا التوجه رفع الجزء المهم من ميزانية المواطن دون المساس بالأسعار ليتمكن من استرداد 30 في المائة من دخله المرهون للمصرف وتوفير حصول قرض للعقار ـــ أي قرض استثماري وليس استهلاكيا ـــ من دون فوائد مصرفية، حيث إن 40 في المائة من دخله يذهب للإيجار، فبذلك نكون قد نجحنا في معالجة أهم هموم المواطن؛ تعديل الدخل بأقل تكلفة وإيجاد السكنى بإحلال قيمة الإيجار للتملك، وحولنا المجتمع بمحفظته المالية من قروض استهلاكية مرهونة للمصارف المعدودة إلى محفظة إنتاجية، مع وجود سيولة متحركة يستفيد منها الجميع وليس فقط المصارف.
3 ـــ إنه لا غرابة أن تقوم العديد من دول العالم بإسقاط ديون أفرادها وشركاتها، أو إعادة ترتيباتها للديون، فكثير من الدول الأوروبية وأمريكا وغيرها أسقطت ديون شركاتها وأفرادها وتدخلت لإنقاذ سوقها المالية مباشرة، كما عوضت السويد مواطنيها عن خساراتهم في سوق الأسهم من حسابات الضرائب، حتى بعض دول الخليج بمحدودية عدد سكانها قامت باتباع الترتيب نفسه وأسقطت ديون مواطنيها، وغيرها من الدلائل المالية والحقائق التي تثبت بشكل يومي أن هذا الترتيب المالي الخاص بإسقاط أو تحويل أو شطب لحل مشكلة الديون جائز وصحي في مثل تلك الحالات وعلى جميع المستويات أفراداً أو شركات أو بنوكا أو دولا، لكنه يحتاج إلى مبادرة وإرادة سياسية بإصرار لإصلاح الوضع المالي والدعم الحقيقي للوطن والمواطنين.
وأخيراً .. آمل أن يراجع أصحاب القرار المالي والسياسي موضوع الفائدة البنكية في مصارفنا المحلية وعواقبها وليس فقط من الناحية الشرعية المهمة، حيث إن الفائدة البنكية هي أم الكوارث، بل حتى الدول الغربية شرعت في إيجاد بدائل للفائدة البنكية، فهذه بريطانيا تضع بصمتها وعلى أعلى مستوى سياسي لتكون لندن العاصمة الإسلامية للمنتجات المالية الإسلامية، وهذه دبي تعمل كذلك لتكون عاصمة العالم الإسلامي للصيرفة الإسلامية، وهذه ماليزيا تشهد مصانع للمنتجات المالية الإسلامية، وكل ذلك يدل على أن التوجه الدولي للنمو المالي الحقيقي والطلب الملح لإيجاد بدائل للنظام الغربي المترنح، فنحن أولى من غيرنا لنكون قبلة لصناعة الفكر والمنتجات المالية الإسلامية، وألا نظل جاحدين للواقع ومتفرجين والدول حولنا تتسابق فيما نحن أولى به، ولا عجب أن هذا الطلب ينسجم مع ما أُشير إليه حتى لا نعود مرة أخرى إلى تلك الكارثة من القروض الاستهلاكية، وبالمفهوم المالي التقليدي، والتي لو لم نعالجها اليوم والمملكة في قوتها المالية قد تدمر مالنا وحالنا لاحقا وقريبا ـــ لا سمح الله ـــ فلنكن أقوى وأسرع من التحديات المطلوبة منّا ولنعمل معا لدهم التحديدات بالحلول الإيجابية قبل أن تفرض علينا التحديات المالية الحالية واقعا أشد مرارة من الذي نحن فيه.
 

Wednesday, January 1, 2014

القروض الاستهلاكية للأفراد ومخاطرها

صحيفة الاقتصادية الالكترونية
العدد: 7387   1435/02/28   الموافق: 2014-01-01

القروض الاستهلاكية للأفراد ومخاطرها

د. سامي بن عبد العزيز النويصر
مشكلة القروض الاستهلاكية أضحت ككرة الثلج التي تتدحرج بيننا منذ أكثر من عشر سنوات، حتى أصبحت اليوم واقعاً مريراً يعانيه أكثر من 2.5 مليون موظف في القطاعين العام والخاص في المملكة، أي أن أكثر من 90 في المائة من موظفي المملكة يعيشون على القروض الاستهلاكية وكأنهم مرهونون لمصلحة المصارف لسدادها! وحيث إن معدل كل موظف في المملكة يعول ستة أفراد علاوة على نفسه، وبذلك يصبح المعنيون من تلك القروض 17.5 مليون مواطن سعودي من أصل21 مليونا، أي أكثر من 83 في المائة من السعوديين يعانون هذه المعضلة المالية، فكيف يمكن السكوت عنها وهي بهذا الحجم وأكبر منه؟
القروض الاستهلاكية هي الأشد ضرراً على مستوى الأفراد والمجتمع والاقتصاد بعكس القروض الإنتاجية والاستثمارية، التي فيها أصول ونمو وقابلة للربح، بينما القروض الاستهلاكية هي المدمرة للمجتمع وأخلاقياته ومكانته بين الدول، إذ في كثير من الأحيان قد تغير الضغوط المالية أخلاقيات الناس والمجتمع، خاصة إذا وصلت للرقم المخيف الذي تجاوز اليوم مبلغ 326 مليار ريال.
لقد صار المواطن يعمل لسداد قروضه، وما إن يخرج من القرض الأول حتى يدخل في قرض آخر وهكذا الدائرة المدمرة تتوالى عليه وعلى أسرته وكيانه بمرور الأيام، حتى أصبح 30 في المائة على أبسط تقدير من دخله الشهري محجوزا لسداد القروض الاستهلاكية، والباقي من دخله موزع 40 في المائة لسداد سكنه بالإيجار(علما بأن 67 في المائة من السعوديين يسكنون بالإيجار)، بينما 30 في المائة من باقي دخله يخصص لسداد متطلبات الحياة الأخرى المرتفعة أكثر من غيرها في كثير من الدول مثل الاتصالات والمواصلات ورسوم العمالة والتعليم والصحة، ونمط حياة استهلاكي جديد فرض نفسه في الحقبة الأخيرة. فكيف يستطيع المواطن أن يعيش في تلك المآسي المالية على ثلث دخله المتدني وهو مكبل ويصرخ طالباً من الدولة إنقاذه، ولا غرابة في ذلك حين ارتفعت أصوات تطالب بأكثر من 17.6 مليون تغريدة (تعادل تقريبا عدد المتضررين) بحملة # لتعديل الرواتب في سبيل الحياة الكريمة.
مشكلة القروض الاستهلاكية ليست فقط مشكلة أفراد أو ضمانات بنكية مبالغ فيها من قبل المصارف، أو غياب نظام تحصيل مقنن للشركات والأفراد المحصلين أو سجل ائتماني للأفراد تابع للمصارف أو انعدام أنظمة حقوقية تحمي المقترض من تعسر مالي ليس من باب الاحتيال، وغير ذلك من الأمور المهمة التي هي الأخرى مأساوية، ونطالب بحلول آنية لها أيضا، بل تجاوز الأمر إلى أن أصبحت القروض الاستهلاكية واقعاً مريراً ومشكلة أفراد نتيجة لعدم إمكانية السداد، وبالتالي أصبحت مشكلة اجتماعية كبيرة غير محدودة الآثار. ولنا أن نتصور التأثير السلبي الأسري في أصحاب القروض، والأذى النفسي والاجتماعي الذي يعيشونه يومياً خلال مدة سنوات القرض ومضاعفاته، ولا مبالغة إذا قلنا إن تلك القروض أصبحت كارثة اجتماعية قد تغير سلوكيات وأخلاقيات المجتمع برمته من مجتمع سعودي محافظ يتحلى بقيم العروبة والإسلام إلى مجتمع مادي بحت، ومن دمار للأخلاق والمال كما هو حادث لبعض الدول الغربية والغنية سابقا.
وقد يتجاوز تأثير القروض الاستهلاكية الحد الاجتماعي ويتطور إلى احتمال توليد بؤر عنفية وبيئة خصبة للانحرافات الفكرية والاجتماعية. والبعد الآخر لتلك القروض الاستهلاكية وتناميها المخيف أنها أصبحت عقبة أمام الحلول والتنمية الاقتصادية التي قد تحاولها الدولة كتفعيل حلول مسألة السكن وغيرها.
لا بد من الوقوف على الأسباب الرئيسة لدوافع القروض الاستهلاكية حتى نتستطيع أن نصف الحل الناجع للخروج من هذا النفق، وهي كالتالي:
1 - غياب الوعي المالي بين المواطنين، خاصة العامة، وأهمية دور التخطيط المالي والالتزام به مع انعدام جمعيات حقوقية للدفاع وتوعية حقوق المستهلك مالياً، وهو الضعيف مالياً وقانونياً وإعلامياً أمام التكتلات المنظمة الأخرى من مصارف وأذرعتها وتحصيلها، ما دفع بكثير من الناس لتلك القروض دون حسبان لعاقبة الأمور وتجاوز الآخرين بالتعدي على حقوقه.
2 - وجود قوى شبه احتكارية ممثلة في جهات الإقراض الخاصة من تحصيل وسجل ائتماني، وعدم تدخل مؤسسة النقد السعودي، وهذه المصارف هي الجهة القوية والحريصة تماماً وفي الغالب على تعظيم سهولة زيادة الربح وتقليل نسبة المخاطر، مكتفية بإسهام شكلي يتعلق بالمسؤولية الاجتماعية وتسلم شهادات تقدير عليها.
3 - الترويج الإعلامي القوي للقروض الاستهلاكية والإغراء بالعبارات القريبة من نفسية المواطن مثل "ما ضاقت إلا فُرجت.... وخلي العقل يطير... إلخ"، ومع الأسف فإن تلك الشعارات هي كمن يدس السم في العسل، ناهيك عن البروز الإعلامي الواضح للبعض الذين يُشار إليهم بالبنان ودفاعهم المستميت ضد من يحاول معرفة حقيقة قروض المصارف ويناقشها.
4 - كارثة سوق الأسهم عام 2006 عندما هوت السوق من قمتها 20635 نقطة، وخسرت الأموال وتبخر من قيمتها السوقية أكثر من تريلوني ريال، وبضرر أصاب نحو أربعة ملايين مستثمر في سوق الأسهم وتبخرت الأموال، خاصة مدخرات الطبقة الوسطى التي خسرت أكثر من 73 في المائة من قيمة أصولها. وكان لهذا الجانب استفسارات عدة منها لماذا في الأساس فُتحت السوق المالية للأفراد ببداية كبيرة، ولم تكن هناك جاهزية لسوق الأسهم من أنظمة وتشريعات ومكننة وحقوق مالية متكاملة مثل أي جهة مالية دولية؟ كما أن معظم المصارف لم تهتم بتلك المعايير ولم تعر أدنى اهتمام لأبسطها من أنظمة البنية التحتية للبيع والشراء الخاصة بالمصرف والمعروفةOMS (Order Management System، بل كان جل هم المصارف تحقيق الأرباح السريعة وتقديم ديون بجانب القروض الشخصية ورهن الأسهم بما يعرف بحساب الهامش Margin Account وحث موظفيها لاصطياد عملاء جدد للمصرف، خاصة ذوي الأرصدة العالية، وسعيها للوصول للمتداولين دون أدنى معايير الحرفية وتحمل المخاطرة وغيرها. بأن تلاشت مدخرات المواطنين وزادت مبالغ القروض الاستهلاكية ومع ما ذكر حتى أصبحت قروض الأفراد الاستهلاكية واقعا مرعبا يعيشه المواطن والوطن وبعيدة عما يصبو إليه ولاة الأمر من رفاهية المواطن والأمن الاقتصادي. فكيف السبيل لحلها؟

Tuesday, December 24, 2013

البعد الاقتصادي .. والقرارات العمالية الدولية

صحيفة الاقتصادية الالكترونية
العدد: 7379   1435/2/20   الموافق: 2013-12-24
  

البعد الاقتصادي .. والقرارات العمالية الدولية

د. سامي بن عبد العزيز النويصر
إن معظم الدول الغربية وأمريكا تعاني أزمات مالية خانقة منذ عام 2008، إضافة إلى ويلات الديون السيادية والوضع الاقتصادي المتردي حتى أضحت هذه الدول أشبه بالعبء الاقتصادي على بقية دول العالم.
بيد أن بعض دول الشرق ''الصين ودول الخليج'' وغيرها تقوم بعملية التمويل والاستثمار في تلك الدول لسداد ديونها عن طريق شراء سندات وصكوك، فالسعودية وحدها لها احتياطات أجنبية تربو على 2.64 تريليون ريال مستثمرة لديهم. ويُعد هذا التمويل ضرورة قصوى لأمريكا وبعض الدول الغربية لضخ الحياة في اقتصادياتهم.
لقد تجاوزت الديون في بعض الدول الغربية نسبة الدين العام لنسبة دخلها القومي، الأمر الذي يعني بالمصطلح المالي أنها مفلسة مالياً! مما حدا ببعض تلك الدول مثل أمريكا لطباعة الأموال وإصدار سندات الدين 75 مليار دولار شهريا ''التسيير الكمي''، ولبيع جزر وعرض مدن للبيع مثل بيع دين مدينة ديترويت بمبلغ 18 مليار دولار وإحدى الجزر التابعة لولاية نيوجرسي بمبلغ 12 مليار دولار بغية تغطية عجزهم المالي مع تعديل وفرض نظام مالي جديد للضرائب أشد صرامة من ذي قبل.
إن كل هذه الخطوات تحمل في طياتها دلائل مهمة منها أولاً أن المشكلة الاقتصادية التي تعانيها تلك الدول ليست مشكلة دورة اقتصادية ''ركود، كساد، ثم تعافٍِ ونمو''، كما يحاول البعض تصويرها والترويج لها، لكنها تمثل مشكلة اقتصادية جذرية في هيكلة الاقتصاد وثقافته، بينما الجانب المهم يشير إلى أن موازين القوى المالية قد تحولت من دول الغرب لمصلحة دول الشرق الممولة مالياً مثل السعودية والصين وغيرها، في حين أصبحت الدول الغربية المهيمنة بقوانينها المالية هي المقترضة والعالة مالياً على العالم.
ورغم كل تلك الإخفاقات الاقتصادية للدول الغربية، إلا أن السياسات العمالية والمالية لتلك الدول تنطوي على قدر كبير من المكابرة وازدواجية المعايير في تعاملها مع بقية دول العالم الأخرى، وفي الوقت ذاته تم تغييب عنصر الشفافية بين صناع القرار وناخبيهم حيال هذه الأزمات المالية الخانقة، وفي هذا الصدد فقد علت صرخات جماهيرية في تلك الدول عرفت باسم ''أوكيوباي وول'' Occupy Wall وتم قمعها في غياب وسائط الإعلام، وقد أظهرت تلك المظاهرات واقعاً مخيفاً للنظام المالي الغربي ومعاناته وويلاته، حيث كانت الاحتجاجات تطالب بمحاربة الرأسمالية المتوحشة والنظام المالي المتهالك والنمط الاستهلاكي المدمر وتبني ثقافة عمل مبنية على الإنتاجية والكفاءة العمالية.
إن الحقيقة الاقتصادية الواضحة تؤكد أن ذلك العليل مالياً ''أمريكا والغرب'' هو من يحكم العالم في ظل مفهوم خاطئ بأنهم هم وحدهم العالم بأكمله ويتبعهم في ذلك منظماته الدولية الثلاث، صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة الأمم المتحدة وما انبثق عن هذه المنظمات كمنظمة التجارة العالمية ومجموعة العشرين وغيرها.
كما أن صاحب القرار المالي الأمريكي والغربي لا يستطيع أن يقدم حلولاً مالية ناجعة لناخبيه لأنها تُعتبر بمثابة انتحار سياسي له إذ ليس في مقدوره الاعتراف بالمشكلة وحث ناخبيه بتغيير نمط حياتهم وزيادة كفاءة الإنتاج والعمل من خلال إضافة ساعات عمل أخرى وتقليل أيام الإجازات وإلغاء الحد الأدنى للأجور والذي يعد مرتفعاً عن باقي دول العالم والتنازل عن الرفاهية وحياة الترف، كما أنه لا يتسنى له أن يعترف لناخبيه بأن هناك خللاً في أنماط حياتهم مرده الفكر الاقتصادي الغربي الذي تعتريه النقائص. وهنا يكمن الداء إذ لا مناص له من التنصل من دفع الفاتورة الاقتصادية الباهظة وحث دول أخرى لتغطية عجزه المالي، مع أن الغرب يحجم عن تزويد كثير من دول العالم بالتكنولوجيا وفرض أنظمة حماية اقتصادية لمصلحته وافتعال القضايا القانونية والإعلامية وتجميد أرصدة أموال الدول.
إن الفكر الاقتصادي الغربي المترنح بدلاً من تقويمه لمبادئه ونتائج تطبيقه الكارثية يلتف على الحقائق بإصدار أنظمة عمالية دولية عقيمة تُعد أحد أسباب فشل مثل تلك الأنظمة المتعلقة بالكفاءة والإنتاج والحد الأدنى للرواتب والتقاعد و تقليص عدد أيام العمل وساعاته وزيادة أيام الإجازات. والأدهى إضفاء موضوع حقوق الإنسان على هذه الأنظمة بما يتماشى مع مصلحته المتغيرة، وكما قال أحد المفكرين ''إن دول الغرب تتعامل مع موضوع حقوق الإنسان والأنظمة كمن يتعامل مع من صنع صنماً من تمر إن شبع ألّهه وإن جاع أكله!
وقد أشار إلى ذلك أيضاً رئيس الوزراء الماليزي السابق محمد مهاتير في مقالة نشرها في صحيفة Financial Times اللندنية بتاريخ 11/1/2012، حيث تناول مبدأ تعامل الغرب بازدواجية المعايير وتقديمهم حلولاً لغيرهم مختلفة من تلك التي يضعونها لأنفسهم، موضحاً أن دول الغرب قبل الأزمة المالية طلبت عن طريق أذرعتها الدولية كالبنك الدولي وصندوق النقد إبان الأزمة المالية الحادة التي ضربت دول الشرق الأدنى عام 1997 تغيير نمط حياتهم وثقافة عملهم وزيادة ساعات العمل وأيامه ورفع سن التقاعد وإلغاء الحد الأدنى للأجور مع تقليل أيام الإجازات وغيرها. وهذا يدل على أن التوصيات المقدمة من الدول الغربية لدول الشرق كانت مشروطة إذا أرادت التمويل المالي لإنقاذها وأن يعملوا بتلك الوصفة المالية، وعندما أصابتهم الأزمة المالية عام 2008 وحتى تاريخه نراهم لا يتقيدون بالوصفة التي وصفوها لدول الشرق في أزمتها وهم الآن يعانون مثل الويلات السابقة التى أصابت تلك الدول وقد تكون أشد ضراوة منها، بل يطلبون المزيد من المال لتمويل عجزهم دون المساس بنمط حياتهم وثقافة عملهم.
إن بعض الدول الغربية وأمريكا تحاول اليوم القيام بتصدير أنظمتها العمالية البالية تحت حجج كونها منظمات عالمية وحقوقية أو أنظمة جديدة تابعة لمجموعة العشرين أو لمنظمة التجارة العالمية أو غيرها ويتم تسويقها لدى دول الاستهلاك، والتي للأسف نحن في قلبها وكأن مصير دولنا أن تظل مدى الدهر دولاً مستهلكة وغارقة في ديون استهلاكية فلكية حتى ينتفع السوق الغربي والأمريكي ويعاود عافيته المالية بخلق أنظمة دولية على حساب مصير حياتنا وثقافة شعوبنا، وقد يكون رسخ في عقلية الكثير منهم أن الدول الاستهلاكية كالدول الخليجية تعيش فوق بحور من الموارد الطبيعية الهائلة وهذا يخول الغرب وغيره الانقضاض عليها في غياب مطالبة الدول العربية بحقوقها الاقتصادية والقانونية أسوة ببعض دول العالم الأخرى.
من وجهة نظري فإنه ليس هناك دافع لتبني أنظمة عمالية دولية والدفاع عنها وفي ثناياها نمط حياة وأنظمة عمالية بعيدة عن واقعنا وتشكل أحد أسباب فشل الغرب المالي والاجتماعي والأخلاقي، حيث ينطوي هذا الأمر لو قبلنا بأنظمتهم العمالية على كارثتين أولاهما ضعف الإنتاجية وثانيهما زيادة معدلات الاستهلاك المخيفة.
لقد كنا في الماضي نقبل بكثير من النظريات الاقتصادية الغربية على علاتها ودون أي تحدٍ فكري مثل حرية السوق وعدم التدخل الحكومي في الأزمات المالية والديون الاستهلاكية ونمط الحياة البذخي والترف المفرط، إلا أن الأحداث قد أثبتت فشل ومضار كثير من تلك النظريات الاقتصادية وغيرها والشواهد كثيرة في هذا السياق، ولا عجب أن الكثيرين ممن ابتدع تلك النظريات منهم من غير مساره عندما أدرك الواقع الذي هو على النقيض مما كان يرمي إليه، فلماذا نتمسك بتلك النظريات أكثر منهم وهم من ابتدعها وبدأ التخلي عنها؟
ونطالب هنا بضرورة مراجعة الأنظمة العمالية وعدم تقبلها كحقيقة مسلّمة وأنها مطالب اقتصادية عالمية وأن المملكة موقّعة على تلك الاتفاقيات الدولية وليس هناك فكاك منها، خاصة الأنظمة العمالية التي أودعت أمام مجلس الشورى أخيراً للتصويت عليها، و طبقا لبعض التصريحات الأخيرة فإنها ستصيب حياتنا وثقافتنا بعد 90 يوماً.
كما يجب الوقوف على جدوى إضافة تلك الأنظمة العمالية إلى العملية الإنتاجية للفرد والمجتمع السعودي أم أنها ستفاقم نسب الاستهلاك الذي نعانيه وضعف الإنتاجية الذي قد يلازمنا لأجيال مقبلة من قرارات تخفيض ساعات العمل وتقليل عدد أيامه وزيادة الأجور وغيره، لأن مثل تلك القرارات العمالية قد تؤدي إلى ارتفاع الأسعار وزيادة البطالة بأنواعها وانعدام الإنتاجية ونشر الثقافة الاستهلاكية والإفلاس الفردي والمؤسسي. فلنبدأ من حيث ما انتهى إليه الغرب وأمريكا وأن تكون لدينا منهجية خاصة بنا وثقافة عمل ناجحة يحتذى بها مثل بعض دول الشرق وليس كما يُصدر لنا من الدول الغربية.

Tuesday, December 17, 2013

متخصص: إدارة الأزمات تستنزف 70% من الدخل القومي للمملكة

الثلاثاء 14 صفر 1435 هـ - 17 ديسمبر 2013م - العدد 16612

متخصص: إدارة الأزمات تستنزف 70% من الدخل القومي للمملكة

 

أبها – عبدالله الفيفي
    كشفت أولى فقرات (إدارة خطة التنمية وتنفيذها) التي صدرت في العام 1395ه - 1975 م ضمن الخطة الخمسية الثانية للمملكة عن بداية حدوث الخلل في العملية التنموية وتأخر الإنجاز في تحقيق الأهداف؛ مما نتج عنه تراكم للسلبيات طيلة هذه السنوات، حيث جاء نص الفقرة "لقد أمكن تحقيق بعض أهداف خطة التنمية الأولى المتعلقة بمصلحة الإحصاءات العامة..)، مقرةً بذلك حالة الإخفاق التي أحدثت في تحقيق الأهداف الموضوعة.
وأفرز قصور مخرجات الخطط الخمسية عن الأهداف الموضوعة لها عدداً من التشوهات في اقتصاد المملكة على وجه العموم طيلة السنوات الماضية، يرافقه انعدام كبير في قياس أداء هذه الخطط وبحث تحقيق أهدافها على أرض الواقع، ويدلل على ذلك ما تضمنته الأهداف العامة للخطة الخمسية الأولى – الفقرة الثالثة تحديداً - في العام 1390 ه - 1970 م والتي قالت بتنويع مصادر الدخل الوطني وتخفيف الاعتماد على البترول عن طريق زيادة مساهمة القطاعات الإنتاجية الأخرى في الناتج المحلي الإجمالي " كأحد أهم أهداف هذه الخطة، وهو الأمر الذي لم تُلمس نتائجه على أرض الواقع بشكله الفعلي إلى هذا الوقت.
وتظلّ الحاجة ملحة لمراجعة مخرجات هذه الخطط ونتائجها بحسب الاقتصادي الدكتور سامي النويصر الذي أكد أن 70% من الدخل القومي للمملكة خلال السنوات الأخيرة موجه لإدارة الأزمات؛ التي نشأت جرّاء إخفاق نتائج وأهداف الخطط الخمسية للمملكة.
وقال الدكتور النويصر خلال حديثه ل"الرياض" منذ العام 1970م ونحن نعمل على إدارة الأزمات الناتجة عن سوء التخطيط كأزمة السكن والتوظيف والمواصلات وغيرها، وكلها ناتجة عن سوء مخرجات نتائج الخطط الخمسية التي افتقدت للتطبيق على أرض الواقع.
وأوضح أن تباين خطط العمل والأهداف في مختلف الوزارات وعدم توحيدها في خطط استراتيجية موحدة وبآليات متابعة دقيقة ولّد عدم التناسق فيما بين هذه الجهات، كما أنه لا يوجد أي برنامج متابعة أو قياس لنتائج الخطط الخمسية للمملكة خلال السنوات الماضية، وبذلك نستطيع الجزم أن هذه الخطط هي للتطمين فقط لا للتنفيذ، ويجب إعادة تأهيل هذه الخطط تأهيلاً جذرياً، وتُعمل استراتيجيات ذات أدوات رقابية فعّالة لقياس أدائها، وبحث مدى ترابط أداء الجهات الحكومية المختلفة نحو أهداف محددة وموحدة.
وذكر أن ما تم إنجازه خارج إطار أهداف الخطط الخمسية يتجاوز بمراحل كثيرة ما أنجز بداخلها، مشدداً على ضرورة تفعيل قياس الأداء ؛ كونه المحك الرئيس لقياس مدى نجاح الخطط الموضوعة من عدمه مع إدخال أساليب التطوير الحديثة على هذه الخطط كالمكننة والتحفيزات وغيرها ضمن رؤية شاملة على منظار أكبر.
وحول كلفة أهداف الخطط الخمسية السابقة التي لم يتم تحقيقها قال الدكتور النويصر تتكشّف كلفة هذه الإخفاقات في تحقيق نتائج الخطط السابقة عبر الأزمات التي نعايشها في السنوات الأخيرة كأزمة السكن والتوظيف والعشوائيات وتوسع المدن وإرهاق بناها التحتية والفوقية والمواصلات.
وأضاف ان هناك استنزافا كبيرا في الدخل القومي للمملكة من خلال الإنفاق على كثيرٍ من المشاريع التي من المفترض إقامتها في الخطط الخمسية القديمة.

Sunday, December 8, 2013

اقتصادي لـ«الجزيرة»: غياب «الأدوات» يعرقل أداء لجنة المنازعات المصرفية

 
 Sunday 08/12/2013 Issue 15046 الأحد 04 صفر 1435 العدد
الجزيرة - نواف المتعب:
قلل خبير اقتصادي من قدرة لجنة المنازعات المصرفية على أداء مهامها بالشكل الكامل، مرجعاً السبب إلى غياب أدواتها التي تمكنها من الوصول إلى الحقيقة. وقال الدكتور الدكتور سامي النويصر لـ«الجزيرة» إن لجنة المنازعات المصرفية تواجه عدداً من التحديات التفصيلية المهمة، ومنها غياب أدوات اللجنة للتحري والوصول للحقيقة وتسهيل إجراءات التقاضي، موضحاً أنه يجب أن تكون هناك لجاناً استشارية من خبراء وهيئات يستعان بهم، لزيادة الاعتماد على ذوي الخبرة والنظر في مجال المال، حيث إن المعاملات المصرفية تشعبت بالنوع والكمية، وزادت بالتعقيدات، وأيضاً هناك مستجدات إلكترونية وأنظمة عالمية، ومحاربة غسيل الأموال إلى إعرف عميلك، ولإفصاح ونظام التوافق بالأنظمة، والضرائب وغيره.
واستعاد النويصر ظروف نشأة اللجنة قائلاً: تم إنشاء لجنة فض المنازعات المصرفية عام 1407هـ بمرسوم ملكي رقم 729/8 حيث كان الأمر قبل ذلك متروكا للقضاء الشرعي، أو الصلح أو بين البنوك والعملاء، وأتذكر آنذاك أن مجلة التايمز الأمريكية كتبت مقالة أن كثيراً من المدينين مالياً بالمملكة يتحولون إلى متدينين شرعاً عندما يصبح عندهم عسراً مالياً، وذلك بأخذ البنوك المطالبة بحقوقها إلى الجهات الشرعية والامتناع عن الدفع بزعم العامل الربوي.
ونوه النويصر بأنه كان من الطبيعي وجود تحدي كبير للجهات المسؤولة بالمملكة، وعلى أعلى مستوى لتقرر فصل الأمور المصرفية عن باقي المحاكم والأمور التجارية والجنائية وما إلى ذلك، حفاظاً على مكانة وسمعة وقوة الوضع المالي وحقوق الناس. واستطرد قائلاً: منذ ذلك التاريخ ولجنة تسوية المنازعات المصرفية تعمل بكل طاقتها، وقد يكون أكثر من طاقتها، حيث يتم الفصل والحسم في القضايا المصرفية المراد الحكم منها، وتعمل على تحرى الحقائق مستعينة بإدارة الرقابة المصرفية والعمليات التابعة لمؤسسة النقد العربي السعودي، وتبذل جهداً كبيراً وقد يكون كما ذكرنا أكبر من طاقتها وإمكاناتها حيث إن مسماها يشير إلى أنها لجنة وليست محكمة أو ديوان، وهذا المسمى عادة ما يكون محدود الصلاحية والفعالية، والإشكالية الأخرى أنها تسوية المنازعات (وليس الفصل) أيضاً محدودة الإمكانية القضائية أو الإدارية.
ويشير النويصر إلى أنه في العام 2012 صدر المرسوم الملكي بتطويرها أسوة بباقي مرافق القضاء التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- ومن ذلك تعديل اسمها من لجنة تسوية المنازعات المصرفية إلى لجنة المنازعات المصرفية حيث إن الاسم الأول يشير إلى حكمها هو عملية تصالح وتحكيم بينما الاسم الثاني يشير إلى عملية تقاضي وفصل وأعم وفي ذلك معنى أكبر وأقوى يحسب لأهميتها القضائية والاقتصادية، كما دعم القرار الملكي نفسه بأن تكون هناك لجنة استئنافية، والحكم ليس مقصوراً على الحكم الأولي للجنة المذكورة، وفي هذا أيضاً قوة أخرى تحسب لها في درجات التقاضي وتعطيها أيضاً القوة القضائية والاقتصادية المطلوبة منها.
وشدد الخبير الاقتصادي على أنه يجب على مؤسسة النقد تقديم دعم أكبر وأكثر للجان الرقابة المصرفية، والعمليات التابعة للمؤسسة بالتدريب والتطوير والكوادر والحوافز، لأهمية هذا المرفق في درء المشاكل المالية مع المصارف والرقابة المصرفية الصارمة على البنوك المطلوبة وتجميع الأدلة للقضايا.
وأضاف: يجب إيجاد تنظيم من النواحي اللوجستية الخاصة، وأن يكون لها فروع لجان بمؤسسة النقد موزعة على مناطق المملكة، داعياً إلى ضرورة تسهيل الوصول لتلك اللجان وإمدادها بالكوادر الحرفية التي تخدم المتصل والمتقاضي، وهو مايعني الحاجة إلى دعم أكبر في جميع النواحي الإدارية والتنظيمية.
واختتم قائلاً: أفضل الطرق لتفادي زيادة الكم الهائل من القضايا المصرفية هو زيادة الوعي والتثقيف لعملاء المصارف، وإعطائهم حقوقهم، ووجود رقابة صارمة على البنوك والعمليات المصرفية، وكما يقال درهم وقاية خير من قنطار علاج.