Saturday, April 5, 2014

تنويع الصناديق السيادية يعزز قوة المملكة في التكتلات المالية

تنويع الصناديق السيادية يعزز قوة المملكة في التكتلات المالية

1 / 1

الجزيرة - نواف المتعب:

دعا مختصون إلى ضرورة التركيز عـــلى الصناديق السيادية وتنويعها كونها ستعطي فرصاً أكبر في تعظيم العوائد وتقليل المخاطر على الاقتصاد، كما أنها تُعد محركاً إستراتيجياً نحو التأثير القوي عالمياً عبر التكتلات المالية العالمية. وقــال الاقتصادي الدكتور سامي النويصر إن الصناديق السيادية هي الذراع الاستثمارية في دول الفوائض المالية ونستطيع أن نقول إن المدخلات المالية لتلك الصناديق وبخاصة في مراحل التكوين هي من إيرادات الدولة ثم تستثمر وتدار بحرفية واستقلالية تامة مثل إدارة القطاع الخاص الاستثماري، بل أفضل قدرة لوجود كفاءات عالية من التأهيل والخبرة مع وجود مرونة القطاع الخاص في تعامل الصندوق.
وقال إن الدول التي أنشأت صناديق سيادية هي إما أنه تمتلك ثروة طبيعية من تصدير وبيع الغاز والبترول وغيره أو نتاج صناعة وتصدير وتعاملات تجارية مثل الصين وسنغافورة وغيرهما.
وهناك عديد من الدول تملك صناديق تتجاوز قيمتها تقريباً أكثر من 5.2 تريليون دولار حول العالم وحققت نمواً كبيراً ومن ضمنها صندوق التقاعد للنرويج 818 مليار دولار و جهاز أبوظبي «اديا» تقريباً 773 مليار دولار وشركة الصين 575 مليار دولار وشركة سيف للاستثمار «الصين» 568 مليار دولار و هيئة الاستثمار الكويتية 410 مليارات دولار وشركة حكومة سنغافورة 285 مليار دولار وتيماسك سنغافورة 173 مليار دولار وهيئة قطر للاستثمار 170 مليار دولار، وصندوق روسيا 150 مليار، والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الصين160 مليار وغيرها من الصناديق.
وأضاف النويصــر: ما تملكه المملكة من مبالغ استثمارية تتجاوز 700 مليار دولار لا تزال تدرس موضوع صندوق سيادي استثماري واحد حيث يوجد لها عدة أذرع استثمارية وتدار بنفس المبدأ مثل الصناديق السيادية الواحدة المعالم من المحافظة على رأس المال وتقليل المخاطر وإيجاد بدائل دخل وأغراض وترتيبات حكومية.
وهذا الأسلوب من التعامل الاستثماري إن صح التعبير «الأســــلوب الاستثماري السعودي» له إيجابيــــات وسلبيات حيث يعطي الأمان الاستثماري بأنه مستثمر بعدة جهات وبأساليب متنوعة وفي نفس الوقت يحتفظ هذا التوجه بالخصوصية والسرية إلى حد ما أكثر من غيره، وكما أن هذا الأسلوب من الإدارة قد يعطي فرصاً للسحب والإيداع بدون إحداث أي معلومة رسمية في متناول الإعلام وليس كما لو أنه كان صندوق سيادي واحد وبذلك يحد من تأثير التقلبات المستقبلية وبخاصة السلبية على الوطن ومكانته المالية.
وتابع: من المآخذ الكبيرة على هذا الأسلوب المتبع من المملكة للاستثمار المالي الخارجي أنه لا يملك الحق القانوني المعروف ببعض الدول من صوت وتكتل عالمي، كما تملك الصناديق السيادية والتي هي قد تكون أقل إمكانيات مالية ولكن لها صوت إعلامي وثقل سياسي وقانوني حسب أنظمة الدول المستثمرة ولو بخلف الكواليس بما يعود بالفائدة لمواطني بلادها وأهدافها السياسية والثقافية بجانب تحقيق العائد المالي.
واقترح النويصر صندوقاً سيادياً استثمارياً باسم الوطن بجانب ما هو معمول به ولو بنصف المبلغ الحالي من استثمارات خارجية حتى يكون لنا فرص أكبر في تعظيم العوائد مع تقليل المخاطر دون إحداث ربكة للوضع الحالي من طلب فجائي للمال أو إحداث ضجة إعلامية أو غيره، وأن يكون للصندوق السيادي السعودي مساهمات فكرية للنفوذ السياسي بدول الاستثمار وهي بمواقع المخزون الفكري وهي المحرك الإستراتيجي لسياسات الغرب والتكتلات المالية العالمية والمقنن بها اللوبي والمسموح ضمن الأنظمة وثغراتها في اللوبي في أمريكا وأوروبا وغيرها لخدمة أهدافنا السياسية، وأن لا يترك المال بعيداً عن خدمة سياسة الوطن وبذلك تكون فائدته محدودة.
من جهته أشار الاقتصادي مسلط العجرفي إلى أن الأزمة العالمية أدت إلى إعادة نظر الدول المتقدمة في استثماراتها، وبالتالي تسعى إلى إحراز التنوع في حقيبتها الاستثمارية لهذه الصناديق حفاظاً على المدخرات أو المكاسب من العائدات ودعم أي طارئ لموازناتها سواء في حال حصول عجز أو أي أمور طارئة قد تحدثها المتغيرات الدولية وكذلك لتعزيز عملية التنمية ضمن إستراتيجيات تم التخطيط لها.
وأضاف العجرفي أن المتابع للأحداث على المستوى الدولي أو الإقليمي، وتحديداً ما حل في بعض الأقطار العربية يستنتج أن من إحدى الأدوات الرئيسية لإعادة الاستقرار هي الصناديق السيادية سواء من خلال الاستثمار المباشر في الدولة أو الاستثمارات البينية وما سيفرزه من إيجاد قواعد أساسية لعدد من المجالات، وبالتالي الاستفادة من إيجاد فرص للأيدي العاملة، وكذلك خلق مناخ آمن سواء داخلياً لهذه الدول أو للاستثمار الأجنبي، وفي نفس الوقت دعم الأسواق المحلية.
وشدد العجرفي بأنه قد حان الوقت لنا لتنويع أصول الصناديق واستثماراتها لتقليل اعتمادنا على النفط الذي شكّل مورداً أساسياً للمملكة، لذلك نؤكد أن خلق قنوات أخرى أمر مُلح لتسهم الصناديق السيادية السعودية بشكل فعّال لخطط التنمية الاقتصادية بالتنويع وبالحد من الاعتماد على النفط.

Thursday, March 20, 2014

اقتصاديون: اتفاقية الضبط مع الصين ستحد من تدفق السلع المغشوشة والمقلدة بنسبة 70%

الخميس 19 جمادى الأولى 1435 - 20 مارس 2014م - العدد 16705

طالبوا الجمارك بإحكام المنافذ وتطبيق العقوبات على المخالفين

اقتصاديون: اتفاقية الضبط مع الصين ستحد من تدفق السلع المغشوشة والمقلدة بنسبة 70%

 
    وجه عدد من خبراء الاقتصاد اللوم والعتب على المستوردين، بسبب تجاهلهم للمسؤولية الاجتماعية المناطة بهم تجاه مجتمعهم ووطنهم، نظير استقدامهم للسلع والبضائع المغشوشة.
وبينوا خلال حديثهم ل"الرياض" أن الاتفاقية الأخيرة الموقعة بين المملكة ممثلة في وزارة التجارة والصين التي تهدف لضبط عملية استيراد السلع المغشوشة والمقلدة إلى المملكة، سيكون لها الأثر الكبير والفعال على السوق والمستهلك المحلي، وستقوم بتحجيم عملية استيراد السلع المغشوشة والمقلدة إلى المملكة بما نسبته 70% على أقلّ تقدير، ويبقى الجزء الأهم على العملية الرقابية بداخل الأسواق المحلية.
يقول الاقتصادي فضل البوعينين إذا طبقت هذه الاتفاقية وفعّلت محلياً، فستحدّ بشكل كبير من تدفق السلع المغشوشة والمقلدة إلى المملكة.
وتابع لا بد من استكمال المواصفات السعودية؛ لما لها من دور في الحدّ من استيراد البضائع المغشوشة والمقلدة من جميع الدول وليس الصين فقط.
وشدد البوعينين على أهمية تكامل الجهود وتناسقها مع مختلف الجهات الحكومية الأخرى وعلى رأسها الجمارك السعودية التي من المفترض أن تكون خط الدفاع الأول عن الأسواق المحلية.
وحول وضع آلية معينة لربط أداء الجهات الحكومية قال البوعينين من المفترض أن يكون هنالك عمل جماعي بين الوزارات والهيئات، وأن لا نعوّل كثيراً على المستوردين؛ كونهم جزء من المشكلة ويجب العمل بمعزلٍ عنهم لا سيمّا في الجوانب القانونية، كما يجب عليهم استشعار مسؤوليتهم أمام الله عز وجل في المقام الأول تجاه مجتمعهم ووطنهم، وأن لا يقوموا باستيراد أي منتجات تضرّ بصحة الإنسان وسلامته.
من جهته قال المحلل المالي الدكتور سامي النويصر إن توجه المملكة الأخير بعقد اتفاقية مع الصين هو خيار استراتيجي هام؛ بسبب التغيّر الأخير في موازين القوى وأنها انتقلت من دول الغرب إلى الشرق، وأن هذه الاتفاقية لها فوائد كثيرة على المملكة والسوق المحلي والمستهلك، لا سيما وأن السوق المحلية في المملكة كانت خاضعةً لتجار الشنطة سنيناً طويلة، الذين كانوا يجلبون البضائع الرديئة وغير الجيدة؛ بسبب تركيزهم على السعر لا الجودة.
وأضاف هذه الاتفاقية ستعمل – بإذن الله – على إصلاح جزء كبير من الخلل الحاصل في السوق المحلية، وذلك من خلال الحد من السلع المغشوشة والرديئة بمقدار 70%؛ كون العلاج جاء من المصدر نفسه، ويبقى الجزء الآخر ملقى على عاتق الجهات الحكومية المناطة بالعملية الرقابية على الأسواق كجمعية حماية المستهلك والجهات الأخرى ذات العلاقة.



د. سامي النويصر

Thursday, January 9, 2014

حلول مقترحة لقروض الأفراد الاستهلاكية



صحيفة الاقتصادية الالكترونية
العدد: 7395   1435/3/8   الموافق: 2014-01-09


 

حلول مقترحة لقروض الأفراد الاستهلاكية

د. سامي بن عبد العزيز النويصر
إن للقروض الاستهلاكية للأفراد تأثيرا مباشرا ليس فقط على النواحي الاجتماعية والأخرى المهمة، بل إن من تأثيرها الاقتصادي السلبي في أهم عنصرين يمسان حياة المواطن ورفاهيته، وهما الدخل وتملك السكن، بحيث يضعف دخل المواطن المتدني ويجعل حلمه لتملك سكني بعيد المنال. وللخروج من هذه المعضلة الكبيرة، فإذا جاز لي أن أطرح بعض الاقتراحات المالية والعملية والسبل لحلولها وأوجزها في التالي:
1 ـــ تحويل كل القروض الاستهلاكية للأفراد 326 مليار ريال من حسابات الأفراد في المصارف المحلية لحساب الدولة في مؤسسة النقد، على أن يتم سداد المصارف من حساب الدولة، وبذلك تسقط تلك الديون عن الأفراد، خاصة أن الدولة تعيش أزهى عصورها المالية من احتياطيات عالمية تتجاوز 2.71 تريليون ريال ومستثمرة خارجياً بفائدة مصرفية تقارب الصفر وفي أبعد مدى 2 في المائة، فتستطيع الدولة أن تقوم بذلك التحويل دون أدنى تأثير بها، بل قد تكون فيه منفعة، حيث إن تلك الاحتياطيات الخارجية حالياً سالبة العائد، وبهذا الاقتراح يتم الاستفادة منها لسداد المصارف المحلية وبترتيب اقتصادي معروف. وبما أن للدولة مواقف مشرفة مع أغلبية دول العالم والغنية منها، حيث دعمت المملكة صندوق أوروبا أخيرا بـ 15 مليار دولار لتغطية مخاطر ديونها السيادية وغيرها من الدول العربية والأخرى، فالأولى أن تدعم الدولة الاقتصاد الداخلي والمواطن قبل أن تتوجه للدعم على الصعيد الخارجي. ومحليا فعلت ذلك سابقا قبل عقد من الزمن بأن دعمت الدولة أحد أكبر المصارف المحلية بتنظيف وإسقاط ديونه وضخ مال جديد آنذاك، حتى عاود عافيته وقوته المالية وأصبح الآن من أكبر المصارف الإقليمية وأقواها ماليا.
2 ـــ إن من فوائد هذا التوجه رفع الجزء المهم من ميزانية المواطن دون المساس بالأسعار ليتمكن من استرداد 30 في المائة من دخله المرهون للمصرف وتوفير حصول قرض للعقار ـــ أي قرض استثماري وليس استهلاكيا ـــ من دون فوائد مصرفية، حيث إن 40 في المائة من دخله يذهب للإيجار، فبذلك نكون قد نجحنا في معالجة أهم هموم المواطن؛ تعديل الدخل بأقل تكلفة وإيجاد السكنى بإحلال قيمة الإيجار للتملك، وحولنا المجتمع بمحفظته المالية من قروض استهلاكية مرهونة للمصارف المعدودة إلى محفظة إنتاجية، مع وجود سيولة متحركة يستفيد منها الجميع وليس فقط المصارف.
3 ـــ إنه لا غرابة أن تقوم العديد من دول العالم بإسقاط ديون أفرادها وشركاتها، أو إعادة ترتيباتها للديون، فكثير من الدول الأوروبية وأمريكا وغيرها أسقطت ديون شركاتها وأفرادها وتدخلت لإنقاذ سوقها المالية مباشرة، كما عوضت السويد مواطنيها عن خساراتهم في سوق الأسهم من حسابات الضرائب، حتى بعض دول الخليج بمحدودية عدد سكانها قامت باتباع الترتيب نفسه وأسقطت ديون مواطنيها، وغيرها من الدلائل المالية والحقائق التي تثبت بشكل يومي أن هذا الترتيب المالي الخاص بإسقاط أو تحويل أو شطب لحل مشكلة الديون جائز وصحي في مثل تلك الحالات وعلى جميع المستويات أفراداً أو شركات أو بنوكا أو دولا، لكنه يحتاج إلى مبادرة وإرادة سياسية بإصرار لإصلاح الوضع المالي والدعم الحقيقي للوطن والمواطنين.
وأخيراً .. آمل أن يراجع أصحاب القرار المالي والسياسي موضوع الفائدة البنكية في مصارفنا المحلية وعواقبها وليس فقط من الناحية الشرعية المهمة، حيث إن الفائدة البنكية هي أم الكوارث، بل حتى الدول الغربية شرعت في إيجاد بدائل للفائدة البنكية، فهذه بريطانيا تضع بصمتها وعلى أعلى مستوى سياسي لتكون لندن العاصمة الإسلامية للمنتجات المالية الإسلامية، وهذه دبي تعمل كذلك لتكون عاصمة العالم الإسلامي للصيرفة الإسلامية، وهذه ماليزيا تشهد مصانع للمنتجات المالية الإسلامية، وكل ذلك يدل على أن التوجه الدولي للنمو المالي الحقيقي والطلب الملح لإيجاد بدائل للنظام الغربي المترنح، فنحن أولى من غيرنا لنكون قبلة لصناعة الفكر والمنتجات المالية الإسلامية، وألا نظل جاحدين للواقع ومتفرجين والدول حولنا تتسابق فيما نحن أولى به، ولا عجب أن هذا الطلب ينسجم مع ما أُشير إليه حتى لا نعود مرة أخرى إلى تلك الكارثة من القروض الاستهلاكية، وبالمفهوم المالي التقليدي، والتي لو لم نعالجها اليوم والمملكة في قوتها المالية قد تدمر مالنا وحالنا لاحقا وقريبا ـــ لا سمح الله ـــ فلنكن أقوى وأسرع من التحديات المطلوبة منّا ولنعمل معا لدهم التحديدات بالحلول الإيجابية قبل أن تفرض علينا التحديات المالية الحالية واقعا أشد مرارة من الذي نحن فيه.
 

Wednesday, January 1, 2014

القروض الاستهلاكية للأفراد ومخاطرها

صحيفة الاقتصادية الالكترونية
العدد: 7387   1435/02/28   الموافق: 2014-01-01

القروض الاستهلاكية للأفراد ومخاطرها

د. سامي بن عبد العزيز النويصر
مشكلة القروض الاستهلاكية أضحت ككرة الثلج التي تتدحرج بيننا منذ أكثر من عشر سنوات، حتى أصبحت اليوم واقعاً مريراً يعانيه أكثر من 2.5 مليون موظف في القطاعين العام والخاص في المملكة، أي أن أكثر من 90 في المائة من موظفي المملكة يعيشون على القروض الاستهلاكية وكأنهم مرهونون لمصلحة المصارف لسدادها! وحيث إن معدل كل موظف في المملكة يعول ستة أفراد علاوة على نفسه، وبذلك يصبح المعنيون من تلك القروض 17.5 مليون مواطن سعودي من أصل21 مليونا، أي أكثر من 83 في المائة من السعوديين يعانون هذه المعضلة المالية، فكيف يمكن السكوت عنها وهي بهذا الحجم وأكبر منه؟
القروض الاستهلاكية هي الأشد ضرراً على مستوى الأفراد والمجتمع والاقتصاد بعكس القروض الإنتاجية والاستثمارية، التي فيها أصول ونمو وقابلة للربح، بينما القروض الاستهلاكية هي المدمرة للمجتمع وأخلاقياته ومكانته بين الدول، إذ في كثير من الأحيان قد تغير الضغوط المالية أخلاقيات الناس والمجتمع، خاصة إذا وصلت للرقم المخيف الذي تجاوز اليوم مبلغ 326 مليار ريال.
لقد صار المواطن يعمل لسداد قروضه، وما إن يخرج من القرض الأول حتى يدخل في قرض آخر وهكذا الدائرة المدمرة تتوالى عليه وعلى أسرته وكيانه بمرور الأيام، حتى أصبح 30 في المائة على أبسط تقدير من دخله الشهري محجوزا لسداد القروض الاستهلاكية، والباقي من دخله موزع 40 في المائة لسداد سكنه بالإيجار(علما بأن 67 في المائة من السعوديين يسكنون بالإيجار)، بينما 30 في المائة من باقي دخله يخصص لسداد متطلبات الحياة الأخرى المرتفعة أكثر من غيرها في كثير من الدول مثل الاتصالات والمواصلات ورسوم العمالة والتعليم والصحة، ونمط حياة استهلاكي جديد فرض نفسه في الحقبة الأخيرة. فكيف يستطيع المواطن أن يعيش في تلك المآسي المالية على ثلث دخله المتدني وهو مكبل ويصرخ طالباً من الدولة إنقاذه، ولا غرابة في ذلك حين ارتفعت أصوات تطالب بأكثر من 17.6 مليون تغريدة (تعادل تقريبا عدد المتضررين) بحملة # لتعديل الرواتب في سبيل الحياة الكريمة.
مشكلة القروض الاستهلاكية ليست فقط مشكلة أفراد أو ضمانات بنكية مبالغ فيها من قبل المصارف، أو غياب نظام تحصيل مقنن للشركات والأفراد المحصلين أو سجل ائتماني للأفراد تابع للمصارف أو انعدام أنظمة حقوقية تحمي المقترض من تعسر مالي ليس من باب الاحتيال، وغير ذلك من الأمور المهمة التي هي الأخرى مأساوية، ونطالب بحلول آنية لها أيضا، بل تجاوز الأمر إلى أن أصبحت القروض الاستهلاكية واقعاً مريراً ومشكلة أفراد نتيجة لعدم إمكانية السداد، وبالتالي أصبحت مشكلة اجتماعية كبيرة غير محدودة الآثار. ولنا أن نتصور التأثير السلبي الأسري في أصحاب القروض، والأذى النفسي والاجتماعي الذي يعيشونه يومياً خلال مدة سنوات القرض ومضاعفاته، ولا مبالغة إذا قلنا إن تلك القروض أصبحت كارثة اجتماعية قد تغير سلوكيات وأخلاقيات المجتمع برمته من مجتمع سعودي محافظ يتحلى بقيم العروبة والإسلام إلى مجتمع مادي بحت، ومن دمار للأخلاق والمال كما هو حادث لبعض الدول الغربية والغنية سابقا.
وقد يتجاوز تأثير القروض الاستهلاكية الحد الاجتماعي ويتطور إلى احتمال توليد بؤر عنفية وبيئة خصبة للانحرافات الفكرية والاجتماعية. والبعد الآخر لتلك القروض الاستهلاكية وتناميها المخيف أنها أصبحت عقبة أمام الحلول والتنمية الاقتصادية التي قد تحاولها الدولة كتفعيل حلول مسألة السكن وغيرها.
لا بد من الوقوف على الأسباب الرئيسة لدوافع القروض الاستهلاكية حتى نتستطيع أن نصف الحل الناجع للخروج من هذا النفق، وهي كالتالي:
1 - غياب الوعي المالي بين المواطنين، خاصة العامة، وأهمية دور التخطيط المالي والالتزام به مع انعدام جمعيات حقوقية للدفاع وتوعية حقوق المستهلك مالياً، وهو الضعيف مالياً وقانونياً وإعلامياً أمام التكتلات المنظمة الأخرى من مصارف وأذرعتها وتحصيلها، ما دفع بكثير من الناس لتلك القروض دون حسبان لعاقبة الأمور وتجاوز الآخرين بالتعدي على حقوقه.
2 - وجود قوى شبه احتكارية ممثلة في جهات الإقراض الخاصة من تحصيل وسجل ائتماني، وعدم تدخل مؤسسة النقد السعودي، وهذه المصارف هي الجهة القوية والحريصة تماماً وفي الغالب على تعظيم سهولة زيادة الربح وتقليل نسبة المخاطر، مكتفية بإسهام شكلي يتعلق بالمسؤولية الاجتماعية وتسلم شهادات تقدير عليها.
3 - الترويج الإعلامي القوي للقروض الاستهلاكية والإغراء بالعبارات القريبة من نفسية المواطن مثل "ما ضاقت إلا فُرجت.... وخلي العقل يطير... إلخ"، ومع الأسف فإن تلك الشعارات هي كمن يدس السم في العسل، ناهيك عن البروز الإعلامي الواضح للبعض الذين يُشار إليهم بالبنان ودفاعهم المستميت ضد من يحاول معرفة حقيقة قروض المصارف ويناقشها.
4 - كارثة سوق الأسهم عام 2006 عندما هوت السوق من قمتها 20635 نقطة، وخسرت الأموال وتبخر من قيمتها السوقية أكثر من تريلوني ريال، وبضرر أصاب نحو أربعة ملايين مستثمر في سوق الأسهم وتبخرت الأموال، خاصة مدخرات الطبقة الوسطى التي خسرت أكثر من 73 في المائة من قيمة أصولها. وكان لهذا الجانب استفسارات عدة منها لماذا في الأساس فُتحت السوق المالية للأفراد ببداية كبيرة، ولم تكن هناك جاهزية لسوق الأسهم من أنظمة وتشريعات ومكننة وحقوق مالية متكاملة مثل أي جهة مالية دولية؟ كما أن معظم المصارف لم تهتم بتلك المعايير ولم تعر أدنى اهتمام لأبسطها من أنظمة البنية التحتية للبيع والشراء الخاصة بالمصرف والمعروفةOMS (Order Management System، بل كان جل هم المصارف تحقيق الأرباح السريعة وتقديم ديون بجانب القروض الشخصية ورهن الأسهم بما يعرف بحساب الهامش Margin Account وحث موظفيها لاصطياد عملاء جدد للمصرف، خاصة ذوي الأرصدة العالية، وسعيها للوصول للمتداولين دون أدنى معايير الحرفية وتحمل المخاطرة وغيرها. بأن تلاشت مدخرات المواطنين وزادت مبالغ القروض الاستهلاكية ومع ما ذكر حتى أصبحت قروض الأفراد الاستهلاكية واقعا مرعبا يعيشه المواطن والوطن وبعيدة عما يصبو إليه ولاة الأمر من رفاهية المواطن والأمن الاقتصادي. فكيف السبيل لحلها؟