Saturday, November 17, 2012

وطن لا نحميه ... لا نستحق أن نعيش فيه !!!!!


وطن لا نحميه ... لا نستحق أن نعيش فيه !!!!!



 
د. سامي بن عبدالعزيز النويصر
رئيس مجلس ادارة مجوعة السامي القابضة
 
إن العنصر الأساس للدول هو عنصر الاستثمار الحقيقي "العنصر البشري" وبذلك تقاس الشعوب وتقيم بمدى تقدمها حضارياً واقتصادياً ، وفي المملكة فإن أغلبية سكانها (اكثر من 50 % دون السن 25 سنة ) وهذا بجميع المعايير يعني أننا نعيش في دوله يافعة عندها مقومات تحديد المسار الذي تريديه و بمرونة أكبر بكثير من الدول الأخرى .
 إن هذا الجيل الصاعد من شريحة الشباب هو اللبنة الأساسية لمستقبل هذا الوطن ، إلا أن كثير منه يعيش حالة مستمرة من ضياع الوقت والطاقات المهدرة والفراغ الكبير الذي قد  يدفع بالبعض منهم إلى سلوكيات وتصرفات انصرافية خاطئة عديدة لملء فراغهم إلى جانب الانحراف الروحي و الأخلاقي و السلوكيات الأخرى التي تفضي الى المحرمات وهلاك النفس وكلها كوارث والعياذ بالله ، وكل ذلك وغيره يغلي تحت بركان الشباب و في محيط حياتنا والذي لا نعرف توجهاته بعد ونحاول جاهدين ان نتعرف على ملامح وطبيعة ومحتوى ذلك البركان الذي قد يثور ويلقي بحممه الملتهبة في أية لحظة ، والغريب في الأمر أن  الوقت يمضي سريعاً ونحن اشبه ب المغيبون  ولا كان الموضوع يخصنا او يعنينا ولا ندري مصير ذلك البركان الهائل وكأننا نعيش وننام و في أيدينا قنبلة موقوتة ومن حولنا ذلك البركان !!!!!! وغاية جهدنا أننا نطرح حلول الأمس لمشاكل اليوم ونتعامل مع هذا الموضوع بتوجس وإيماءات وإشارات ومسكنات ترضينا وقد تفرح بعضنا بهدف طمأنة النفوس من هذا الداء العضال والمصير الخطير .
وليت الحال انطوى على هذه المشكلة فحسب ، إلا أن هنالك مشكلة أخرى تبلورت من الفرد الذي هو جزء من المجتمع في عدم تأهيل المجتمع وعدم اكتراث وانضباط الكثير من المواطنين وتقديرهم لعنصر الوقت والنظام ، مع أن ديننا الحنيف وتعاليم شريعتنا الإسلامية يشكلان أرقى وأكبر مدرسة انضباط ورقي للبشرية  جمعاء في حين أن البعض على النقيض تماماً ، الأمر الذي حدا بالبعض الى الاستياء من هذه الظاهرة السيئة والتي أضحت كأنها ثقافة اجتماعية ومسلمه و وصمة عار ومهزلة تلاحقنا واصمة إيانا بالتسيب وعدم احترام النظام ، وإزاء ذلك  قام بعض امراء المناطق بتسليط الضوء عليها ومنح كراسي علمية للحد من تلك المشكلة و الرقعة متسعة !!! وهذا اهتمام وتوجه يُشكرون عليه ولكن ينبغي في هذا المضمار النظر والتمعن ملياً في جذور المشكلة وعدم التعامل مع الظواهر فقط بل الغوص في كبد الحقيقة حتى يجيء الدواء الناجع متسقاً مع حالة الداء .
إن المملكة ــــ ولله الحمد ــــ قد حباها الله بموارد وميزات عديدة أكثر بكثير من غيرها من تعدد سكاني معقول 23 مليون مواطن و موارد طبيعية واحتياطيات مالية تُعد الأعلى عالمياً ، فضلاً على المكانة والريادة الدينية المتمثلة في الحرمين الشريفين على أرضها الطاهرة ، إلا أنه وللأسف لم يتم إدراك أو محاولة الوقوف على أهمية تلك الخصائص الفريدة وعناصر الموقع والموارد وإبرازها وتقديمها على الوجه المطلوب للعالم و لو حدث  ذلك لفرضنا أنفسنا  باحترام القانون والنظام والقوة الاقتصادية وفرضنا قوتنا بالتفاوض و الحجة والتعامل الحضاري و بالتعامل المتبادل بالمصالح مع الآخرين بالندية المطلوبة .
وبرغم ذلك كله ، فهناك بعض التشوهات التي يجب إزالتها حتى لا تؤثر على الصورة الوضاءة والمشرقة للمملكة ، فعلى سبيل المثال لو نظرنا إلى سوق العمالة الذي يعد بمثابة الركيزة الأساسية للاقتصاد والمجتمع لوجدنا اننا نعتمد كلياً على أيدي عمالة أجنبية محضة( 8 مليون) والجزء الأكبر تُعد عمالة غير ماهرة ، في حين  أن أبناء الوطن يعيشون بطالة مستفحلة ولا يحصلون على وظائف، فهم إما عالة على ذويهم أو يعتمدون في معيشتهم  على "حافز " ( أكثر من مليون وثلاثمائة مواطن سعودي) أو يطرقون أبواب الغير لمساعدتهم  ، والمؤلم في هذا الجانب ارتفاع نسبة البطالة مع وجود الوظائف خاصة الحرفية منها كالسباكة والحدادة والنجارة وتصليح الالكترونيات وغيرها ، وليت الأمر كان محصوراً في دائرة الشباب ولكن تتسع الدائرة لتطول حتى  الشابات كذلك .
إن كل ما سقناه من مشاكل وظواهر هي حقائق نعيشها ونلمسها على أرض الواقع ، بل إنها أصبحت معلومة للقاصي والداني وهي جزء من الصورة الكبيرة عن الوضع العام ،وإن  الكثير من الدول يخطط و يحيك المكائد والدسائس لإيجاد بيئة خصبة وخلق أزمات أخلاقية بشعة  لم تر البشرية أو التاريخ الإنساني مثيلاً لها ، ولا أقول أننا مستهدفون ، بل أرفض ذلك رفضاً قاطعاً لأن تجيير الأزمات لنظرية المؤامرة والاستهداف دون أن يكون لنا دور في هذه الأزمات ، قد ولى زمانه ولم يعد ينطلي على أحد ، ففي هذا السياق يطرح القول المشروع نفسه : أين خططنا وأين رؤيتنا المستقبلية لحماية هذا الكيان الغالي الذي أوجده الملك المؤسس بالجهد والعرق والعمل الدؤوب وحافظ عليه من بعده أبنائه من الملوك الكرام ؟ .
إن جيل الشباب الذين هم المستقبل كله لهذا الوطن هم في أمس الحاجة لمشروع حضاري لتنشئتهم حتى يكونوا على قدر الآمال المأمولة منهم في بناء هذا الوطن والحفاظ عليه ليظل كما كان دوماً في الصدارة بين أوطان وأمم العالم ، وعلى رأس هذا المشاريع الوطنية يأتي التجنيد الإجباري لشبابنا والذي أخذت به الكثير من دول العالم كتجارب ناجحة لا سيما التجربة الكورية الجنوبية والسنغافورية والكثير من الدول التي حولنا من عدو مثل ايران واسرائيل وصديق مثل تركيا والدول المتطورة مثل سويسرا واستراليا والدنمرك والبرازيل وامريكا و الأخرى لصقل الشباب وإعدادهم لتحمل المسؤولية والإسهام في عملية التنمية الاجتماعية من انضباط وحرفية والحفاظ على نظافة البيئة وجيل انتاج واحترام للأنظمة والوقت والعناية الصحية والذهنية الصحيحة للبناء والمسؤولية الاجتماعية، فضلاً على فوائده الوطنية  والاقتصادية والاجتماعية العديدة ومردوداته الواضحة والمجربة في تلك الدول ، حيث إنه يشكل أحد دعائم الأمن والأمان والبناء والعمران للوطن بجانب دوره في مكافحة الإرهاب
إن تجارب الغير في مشروع  التجنيد الإجباري للشباب تستوجب منا الدراسة والاهتمام وتصويب الأهداف صوب التنمية البشرية أولاً وقبل التنمية المادية او المعمارية فبدون تنمية المواطن وتأهيله لن يُكتب النجاح لكثير من خطط التنمية النجاح ، كما أن  تلك التجارب مثل كوريا الجنوبية وسنغافورة وغيرها قد ارتقت بتلك الدول من دول العالم الثالث إلى مصاف العالم الراقي و الملتزم بالانضباط واحترام القانون وحب العمل وانخفاض نسب الجريمة و النظافة البيئية والصحية، مما انعكس نماءً وازدهاراً  اقتصادياً على مستوى الفرد والوطن.
إن المملكة ولله الفضل تمتلك احتياطات مالية عالمية و موارد مغرية وموقع جغرافي فريد وثروة شبابية هائلة ، والأهم مكانة دينية مرموقة ، حيث أكرمها الله بوجود الأماكن المقدسة في ثراها المبارك ، لذا فإن الواجب يحتم الحفاظ وحماية كل تلك النعم والانجازات والمشاريع العملاقة من أن تتحول  إلى غنائم ومكاسب للغير ( لا سمح الله ) ، حيث لن يغفر التاريخ لنا تلك الاستكانة او الاعتماد على الغير في بناء وطننا ، فقد حان الوقت لتبني مشروع التجنيد الإجباري للشباب السعودي بسرعة  حيث إننا لسنا الأولين في هذا المجال ، خاصة في ظل التهاب واضطراب المنطقة ، وكما قال خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله (حفظه الله ) في إحدى المحافل الرسمية إن المنطقة قابلة على الاشتعال وتحفها الكثير من المخاطر فيا ليت صوتي  يصل إلى ولاة الأمر (رعاهم الله ) ذلك بأني على يقين بأن قادتنا هم من أدركوا وجسدوا روح الوطن و رفعوا شعار "" وطن لا نحميه لا نستحق ان نعيش فيه !!!!!!  فالأوطان لا يبنيها ولا يحميها إلا أبناؤها ، كما أنه البوتقة التي تنصهر فيها قدرات وعزائم وطاقات الشباب للبناء والعمران تكون هي الخطوة السليمة على طريق الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي وإحلال ثقافة عمل جديدة وتأهيل والالتزام بعنصر الوقت والنظام حتى نبني ونحافظ ونعلو بالوطن إلى مكانته المنشودة علياءً وعزةً ورفعةً ومجداً .


الخطة الخمسية .. ديناصور محنط في دولاب الوزارات !!!!!!!!!!!!!!!

الخطة الخمسية .. ديناصور محنط في دولاب الوزارات !!!!!!!!!!!!!!!

 
د. سامي بن عبدالعزيزالنويصر
رئيس مجلس ادارة مجموعة السامي القابضة
 
الخطة  الخمسية هل هي واقع نعمل به أم إنها وثيقة نتفاخر بها لتعطينا الطمأنينة بأننا نعمل وفق خطط أم إنها من أساطير الأولين  وأشبه بديناصور محنط في عالم التخطيط والتطور.
 لا يخفى على أحد أننا نعيش في زمن متغير ومتجدد وبديناميكية سريعة يصعب علي العقل البشري إدراكها وخاصة على مدى العقدين الماضين منذ خروج قطاع التكنولوجيا والانترنت  (قطاع دوت كوم) إلى فضاء العالم  والشعوب ، الأمر الذي جعل العمر الزمني يتغير بسرعة عمّا كان عليه في حساباته وواقعه ،  فسنة واحدة من الفترات الحالية تختلف عن السنوات السابقة في سرعة الأحداث والتغيرات والمستجدات من حيث الانتاجية والمطالب والتطلعات وغيرها  من مسائل الحياة والمعرفة بحيث إن ما يتم انتاجه حالياً في سنة واحدة ما يعادل انتاجه في العديد من السنوات السابقة.
إنه  لا أحد بمنأى عن طوفان التغير الزمني ، ففي عام واحد فقط كما هومعروف للجميع  سقطت ثلاث رئىسات عربية فيما  يسمى بالربيع العربي وفي عمر زمني قصير بجميع المعايير العصرية والتاريخية ، وبمشيئة الله فإن المصير قادم  لطاغية سوريا والذي سوف يؤول إلى مزبلة التاريخ قريباً.
 إن كل ذلك ينذرنا بأن التغير العالمي للزمن الذي نحن جزء منه سريع وديناميكي بينما نحن نعمل بمنهجية وأدوات تواصل قديمة مثل الخطة الخمسية التاسعة ، حيث إننا بدأنا العمل بها منذ ما يقارب خمسة وأربعين عاماً وعلى ذات المنهجية ولكن بتغيير الأهداف كل خمس سنوات ، وهذا بالطبع غير كافٍ نظراً لأن الاستراتيجية هي رؤية عملية ورسالة ومنهج عملي متكامل يردده ويعمل على تطبيقه الجميع وتتم مراجعة مسارها من حيث تحقيق الأهداف والإنجازات والإخفاقات للتاكد من سلامة المسار بالمشاركة الجماعية.
 إن واقع الحال يشير إلى أن  الأمور هي أشبه ما تدار خارج الخطة الخمسية بنسبة كبيرة وأصبح المستثنى من الازمات هو الأساس والاهداف من الخطة هي المستثنى. كما أصبحت التحديات تدار بطريقة" إدارة الازمات"   !!!! و اشبه ما تكون برجل المطافيء الذي كلما شب حريق في مكان ما هرع لإطفاء هذا الحريق .
إننا أدركنا فجأة أننا أمام عدة أزمات خانقة ، أزمة سكن عميقة وأزمة توظيف وأزمة تحديث أنظمة مالية بالية وأزمة تطوير قضاء وأزمة تصريف صحي وأزمة تعليم وأزمة تعثر مشاريع وأزمة استهلاك بدون ترشيد وأزمة صحية وأزمة تأهيل وازمة تدريب وأزمة تلو الأخرى  والقائمة طويلة لا يتسع المقام لسردها كلها ، و من مشاكل اقتصادية و اجتماعية مؤلمة وغريبة علينا و صحية موجعة وفي المقابل ليست هناك نظرة مستقبلية واضحة غير مبنية على  ردة الفعل والتحرك الموسمي الفج وقت مداهمة الأزمات ، وهذا أسلوب فاقد المفعول وليس له أدنى حظ من عوامل النجاح.
أصبحنا أسرى مشاكل تأسيسية ماضية تراكمت جميعها ، من بنية تحتية إلى اجتماعية واقتصادية ومالية وتعليمية و صحية وصحفية وعسكرية و تنظيمية وغيره حتى ندرك أن حلول الماضي أصبحت لا تفي بمعاجلة الوضع الحالي وننظر الى الوضع الحاضر المتأزم ككرة الثلج التي يزداد حجمها من كثرة تلك المشاكل والأزمات وكأن هذا النمط هو قدرنا والطريقة التي يجب ان نعيش بها مع نمو سكاني في تزايد وتطلعات أساسية مشروعة للمواطنين وخاصة فئة الشباب والشابات التي أضحت في تزايد وتفاقم  علاوة على التحديات والمتطلبات المحلية والدولية الملحة الأخرى .
أن الخلل ليس فقط بالرؤية للأهداف والعقلية الإدارية وسلم الأولويات ومواكبة المتغيرات ، بل ايضا  يكمن في طريقة تطبيق الحل ومتابعة الأداء وهذا مما يزيد الطين بلة ، حيث نجد كل وزارة من وزاراتنا المرموقة لها عالمها المستقل  وأشبه ما تكون بجزيرة معزولة عن بقية الجزر وأن التواصل أشبه ما يكون بعبارات الجزر  التي يمكن أن يطولها الغرق مع هبوب أي موج وليس هنالك أدنى ترابط منهجي و تكامل في الأهداف والنظرة الشمولية والتقييم المستمر كقاسم مشترك يجمع بين هذه الوزارات ،
ونتج عن ذلك أن أخذ كل وزير على عاتقه دور المنقذ من الأزمة المتعلقة بصميم عمله دون الانسجام التام والتنسيق الفعلي لباقي أعضاء الجسد بالنظرة الشاملة  لما لها تأثير على بقية الأعضاء ، تماماً مثل ما هو عليه الحال في عملية التوظيف وغيره، الذي من الطبيعي أن يلقي بظلاله على المشاريع وعملية التنمية والاقتصاد والتجارة والتعليم والقضاء وغيره ،
كما أن هنالك مثلاً نراه جلياً في وزراة المالية التي تعمل بنظام مالي أكل عليه الدهر وشرب له أكثر من أربعين عاماً ، فكيف نرجو ونأمل من نظام مالي قديم  أن يواكب تحديات عصرية وهو بهذه الآلية والوضعية ؟ مثل الوضع المالي له تأثير كبير على جميع الوزرات حيث إن المال هو عصب الحياة إن لم يكن القلب النابض و الأمثلة كثيرة في هذا السياق.
أصبحنا نسمع عن أرقام مالية فلكية ومشاريع خيالية وغيرها من الأمور المالية الداخلية  والخارجية من اعلى احتياطات واستثمارات بالعالم و مساعدات لقارات غنية (مثل اوروبا) و ابناء وبنات الوطن يعانون من الحاجة في السكن وكسب لقمة العيش من التوظيف ويسبحون في بحر من الديون والبطالة والفقر المدقع ولا يصلهم من هذه الارقام الا الاستفزاز النفسي والاحباط فكأننا نسمع ضجيجاً ولا نرى طحينا !!!! والفجوة في تفاقم وتزايد و تصريحات لبعض المسؤولين عن قوة اقتصادنا وبدون النظرة الشاملة للاقتصاد وكانه اضاف صفعة على جرح او اعطانا مسكنات لمرض خطير.
نحن في المرحلة الراهنة أمام متغير ومنعطف خطير ، حيث إن هذه النعم والثروات هي فائدة وملكية للجميع وأن المعلومات  ليست حكرا او سراً عند البعض الذي سيطر  من باب الوصاية الشرعية والحفاظ على الحق العام في أن يتصرف بما يراه هو صحيحاً وليس كون الأمر حق للجميع ، وفي هذا الإطار لا بد من إدخال وتفعيل جميع الوزرات والعاملين بها في الخطط التنموية وكذلك اعتبار توصيات المنتديات الاقتصادية والفكرية والغرف التجارية على مستوى الوطن وتبني  تنفيذ هذه التوصيات على أرض الواقع في حالة جدواها بصورة مستمرة   وضرورة إدراك الجميع للأهداف التي تشمل الاقتصاد المتكامل للوطن ( Inclusive Society)  في خطة عمل واقعية حديثة بديلة للخطة الخمسية  والتي أثبتت الأيام عدم مواكبتها للأسلوب العصري في التواصل والنظرة المستقبلية ، ولا مناص من الغاء او تطوير الخطة الخمسية أو تحديثها بصورة واقعية ، وفوق ذلك كله فإن المهم هو النظرة بصورة مغايرة للواقع الذي أوجدناه وليس الواقع الذي نريده في سبيل تمكين القيادة الرشيدة من اتخاذ تأخذ القرار السليم والذي يحقق الطموح المنشود ويؤتي ثماره وفائدته القصوى لكافة المواطنين على حد سواء وتحسين مستوى معيشة المواطنين قولا وفعلا !!!. 



نماذج من الرأسمالية السعودية .... وخارطة الطريق لنظام مالي جديد !!!

 
نماذج من الرأسمالية السعودية ...... وخارطة الطريق لنظام مالي جديد !!!
 
الدكتور/ سامي بن عبدالعزيز النويصر

رئيس مجلس ادارة مجموعة السامي القابضة

 

 الرأسمالية..... هل نحن جزء منها أم هي جزء منَا؟ وكيف تعاملت أمريكا (أهل الرأسمالية) معها؟ وكيف تعاملنا نحن معها؟ وماهي أبعادها على منهجية تفكيرنا واقتصادنا وحياتنا؟؟؟



أسئلة كثيره يصعب تلخيصها في مقالة واحدة، ولكن لنحاول التركيز على الإطار العام لما له من تأثير كبير على حياتنا الاقتصادية والاجتماعية  حتى تتكون لدينا صورة عامة قريبة للفهم أو قبول الحالة التي نحن فيها أو تصحيح مسارها وهي حالة اقتصادية غريبة الملامح وأشبه ما تكون بظاهرة اقتصادية نادرة، حيث إنها جمعت بين النقيضين في وقت واحد، من ازدهار اقتصادي لشريحة  الدولة مع بعض من القطاع الخاص، وفي المقابل انحسار الطبقة الوسطى والمنشآت الصغيرة وتزايد المعاناة الاقتصادية والاجتماعية والفجوة التي هي في تزايد!!! حتى أصبح اقتصادنا لايشمل الغالبية العظمى من الناس والنشاطات ومشوه المعالم بصورته وفي تردي باخلاقيات تعامله!!.
تذكرنا المصادر الرسمية بصورة مستمرة أننا نعيش طفرة اقتصادية غير مسبوقة النظير من صرف وفائض مالي ومشاريع عملاقة والوطن في أزهى حلله الاقتصادية من نمو وازدهار!! ولله الحمد على ذلك إذ حققت المملكة نمواً اقتصادياً سنوياً عالياً تجاوز 6.8 % وناتجاً قومياً تجاوز التريليونين ريال واحتياطيات مالية من فوائض بترولية تكاد تكون الأعلى عالمياً على مستوى الفرد تجاوزت  2.3 تريليون ريال ومشاريع تنموية تتجاوز التريليونات ، إلا أنه للأسف فإن المواطن لايشعر بهذا الازدهار الاقتصادي، بل ولا يكترث به وقد أصابه تنميل بعدم الإحساس من سماع الأرقام الفلكية من ميزانية واعتماد مشاريع  وصرفيات وكأنها تخص عالم آخر!!!
ومن الحقائق الاقتصادية التي لا تذكر كثيرا أن المواطن يعاني من دخل متدن فمعدل مستوى دخل الفرد السعودي  يبلغ 6453 ريال/شهرياً ويسبح في بحور الديون أكثر من 86 % من السعوديين على قائمة الديون وتجاوزإجمالي القروض الاستهلاكية للأفراد 277 مليار ريال وبنسبة نمو سنوية عالية جدا تجاوزت 15% سنوياً وبطالة عالية إضافة إلى المعاناة الاقتصادية في الأمور الاخرى من عدم توفر تأمين طبي للمواطنين فضلاً على أزمة سكن غريبة في أراضي شاسعة وبنسبة 67% من السعوديين  يسكنون بالايجار وأزمة كهرباء  وأزمات كثيرة تطال أمور المواطن الأساسية.
كما إن المنهجية المالية السعودية التي تتجلى في سيادة التكتلات الإقتصادية المالية والنقدية والتجارية والحفاظ على سلامتها أكثر من الحفاظ على الفرد/المستهلك هي في حقيقة الأمر رأسمالية.  وإن صح التعبير" الرأسمالية السعودية " بذلك فهي قد تكون أشد بؤساً من الرأسمالية الأمريكية ، حيث إن الرأسمالية الأمريكية جل دفعها الاقتصادي هو الفرد ( المستهلك) بينما نرى أن الراسمالية السعودية تضع عناية الفرد في أدنى مستوياتها الاقتصادية والقانونية والتشريعية والإعلامية.  فكيف نطالب بتوازن اقتصادي ونحن لا نهتم بالفرد وحقوقه وهو محرك المعادلة الاقتصادية للدخل القومي للدولة.
ومن أمثلة الرأسمالية السعودية أننا نرى أن ‍مؤسسة النقد العربي السعودي ومنذ تأسيسها  1370 هـ وبتركيبتها الحالية والتشغيلية تعني بالحفاظ والإشراف أولاً على سلامة القطاع البنكي، وفي آخر قائمة الأولويات إن لم تكن معدومة توعية الفرد والدفاع عن حقوقه وتطوير الأنظمة الخاصة بذلك. وفي نفس السياق نرى أن وزارة التجارة تاريخياً قد دعمت التكتلات التجارية من التجار وفي آخر القائمة اذا وجد ولو حتى مبنى لتوعية وحقوق وحماية المستهلك ودعم المستهلك.
ومن بعض الوقائع  الحية الرأسمالية قامت المملكة بإنقاذ أوربا عن طريق صندوق النقد الدولي بضخ 15 مليار دورلار في الربع الاول من هذا العام، وفي الوقت نفسه لم تتدخل وزارة المالية لإنقاذ السوق المالي السعودي للأسهم منذ كارثة فبراير  2006م بنسبة خسارة تجاوزت الــ 80 % من القيمة السوقية والتي تضرر منها أكثر من أربعة مليون مواطن سعودي ولو بــ 10% من ذلك المبلغ.
كما نرى البنوك التجارية بالمملكة المعدودة الأصابع والمحتكرة للسوق تدفع بقوة في أجنداتها دون أي اعتبار يذكر للتنمية الوطنية والبعد الاقتصادي  وأصبحت كأنها تدور خارج الفلك الوطني حتى أصبحت أرباحها الجشعة والمتضخمة المبنية على العمولات والرسوم  فيها تهديد اجتماعي للوطن من تفكك أسري وتغير ثقافة اجتماعية وفرض هيمنة البنوك على المجتمع  وتآكل دخل الطبقة الوسطى وتسبب نقمة اجتماعية ومؤسسة النقد لا تتدخل للحد من ذلك، بل وتتحايل البنوك بقوة النظام وتدفع بالمواطنين بإغراءات الديون الاستهلاكية وسهولتها ودعاية مستهدفة عدم معرفة العميل بحقوقه اذا وجدت. وفي توجه استراتيجي آخر للبنوك في زيادة الأرباح وأن تحصد مزيداً من الأرباح الخيالية بتقديم قروض لتسديد قرض وبتسديد الدين بالدين علماً بأن هذا خطر مالي معروف في أبجديات العلوم المالية ناهيك عن المحاذير الشرعية!!!!
ومن الوقائع  الاخرى احتياطيات المملكة المالية التي سوف تقارب بنهاية هذا العام الــ 700 بليون دولار ويريد البعض أن يقول لنا إنها لحماية الوطن من تقلبات النفط حيث يمثل النفط 90% من إيرادات المملكة. نقول نعم يجب أن تكون الاحتياطيات لحماية الوطن ومشاريعه التنموية المستقبلية وحقوقاً للاجيال القادمة وتقليل نسبة مخاطر تقلبات أسعار النفط ، ولكن هل من المنطقي أن تكون الاحتاطيات موجودة حصراً تحت مظلة النظام المالي الغربي؟؟ وهل فعلاً نحن في حاجة إحتياطات بهذا المبلغ الهائل؟؟ فربع ذلك المبلغ يفي بالغرض وليس بهذا التركيز الجغرافي في السندات الأمريكية!!! وان تعمل الدولة على تسديد مديونيتها الداخلية والتي هي في تناقص حيث بلغت 137 مليار ريال. و أن نستثمر المبالغ الكبيرة من الاحتياطيات بسخاء ونزاهة وتوجيه مقنن في بناء وتطوير البنية التحتية للوطن حيث إن الوطن الآن بحاجتها الماسة وسوف يكون العائد مجدياً ومفيداً أكثر من لو تركت  في الاستثمار لتمويل عجز المديونية الأمريكية الذي قارب 18 تريليون دولار.  ولم تحقق لنا هذه الاستثمارت بالخارج وخاصة بأمريكا إلا عائداً سالباً وخسارة مع شككك انها بأمان تام و كامل كما يريد أن يقنعنا البعض  بذلك وتزامناً مع تأجيل الاعلان عن رفع سقف المديونية الامريكية من الصيف الماضي وتخفيض درجات الائتمان والعجز المخيف في الميزانية الامريكية والمشاكل الهيكلية بالاقتصاد الامريكي والمشاكل القضائية ضد المملكة ورموزها والتغير السياسي المستمر في السياسية الامريكية ومصالحها.
 وبنظرة اقتصادية عامة فقد أصبح النظام المالي والنقدي السعودي أسير نفسه وتابعاً للنظام المالي الغربي المترنح بل أصبح  يدافع  عن الرأسمالية وحرية السوق أكثر من أم الرأسمالية أمريكا والمظاهرات المستمرة في منطقة (الاكوباي وال) تطالب بإسقاط النظام الرأسمالي لما له من ضرر وعدم جدواه اقتصادياً واجتماعياً ، ومن المطالبات الواضحة هو الحد من قوة الشركات العملاقة والبنوك المستفيدة وكبار مسؤوليها وإعطاء دور أكبر للفرد والمؤسسات الصغيرة والشركات المتوسطة في شؤون الاقتصاد ونحن مازلنا نسبح في بحر الرأسمالية.
وذكر "بوفيس فانسون "في مجلة تشالنجر "أظن أننا بحاجة أكثر في هذه الأزمة إلى قراءة القرآن بدلاً من الانجيل لفهم ما يحدث لنا و بمصارفنا لانه لو احترم القائمون على مصارفنا  ما ورد في القرآن من تعاليم و أحكام و طبقوها ما حل بنا من كوارث و أزمات و ما وصل بنا الحال الى هذا الوضع المزري لأن النقود لا تلد نقوداً". أما صحيفة بيرمنجهام بوست فقالت: هذه الأزمة منحت الصيرفة الإسلامية فرصة كبيرة لتقدم للعالم نموذجاً بديلاً عن المصرفية التقليدية ". هذه هي أقوالهم وليست أقوالنا كمسلمين ومن ناحية اخرى هناك من هم بني جدلتنا وعلى منابر عالية مسؤولة يشكك في الصيرفة الإسلامية بل ويحارب المنتجات الإسلامية الخالية من الربا سراً وجهراً!!!
كل ذلك ينذرنا بأننا أمام منعطف  تاريخي متغير و جديد فيجب علينا عدم الاعتماد الكلي على النظام المالي الغربي المترنح وإستبداله بالنظام المالي الإسلامي وإيجاد التوازن الخاص بنا مالياً من سياسة مالية ونقدية وبناء نظام مصرفي ومالي جديد.
فالعالم يريد منَا أن نعرض له قيمنا ومبادئنا ونسوقها، حيث إن ديننا الإسلامي والفكر الإسلامي ثري ومليء بالكنوز والدرر العلمية والعملية والعالم بحاجة إلى هذا الفكر المغاير للواقع التعيس الحالي الذي نعيشه.
العالم ينادي قبلة الاسلام والمسلمين ومنطلق القيم والفكر الإسلامي أن تدعم النظام المالي الإسلامي. فهل من مجيب؟؟ إن لم نؤمن نحن بالمالية الإسلامية وندعمها ونسوقها فكيف سيثق العالم بما لدينا!!! فلا عجب أن يقوم النظام الغربي بصناعة وتسويق  المنتجات المالية الإسلامية والنظام الاسلامي وهل من ثم سوف نقبلها؟؟ علما أن كثيراً من الأنظمة الغربية قد بدأت بتبني وتسويق النظام الإسلامي المالي مثل مجلس الشيوخ  بفرنسا والبنك المركزي ببريطانيا والفاتيكان وأشهر أصحاب الفكر المالي حتى أعرق الشركات المالية الأمريكية المتعصبة مثل جولد مان ساكس وغيرها من المنشآت المالية المعروفة عالمياً تبنت التعامل بالمنتجات الإسلامية المالية والفكر الإسلامي.
إننا نطالب من ولاة أمرنا (هذا الملك العادل حفظه الله وولي عهده الأمين) ان يدفعا بالسياسة المالية والنقدية بالمملكة (وزارة المالية وتوابعها الإدارية) أن تعمل بذهنية متجددة ومنتجة فيها روح المبادرة والقيادة المالية لإعادة تأهيل وتطوير صياغة جميع الانظمة الخاصة بذلك. وخاصة الإقرار بنظام جديد في مؤسسة النقد العربي السعودي لإخراج المنتجات المالية الإسلامية وتطوير النظام المالي الإسلامي إسوة بماليزيا وغيرها من دول العالم الهادف للتنمية المستدامة المبنية على المبادئ الاسلامية ومحاربة آفة الربا.
وأن نعمل جميعا على ألا يكون الاقتصاد حكراً للمنشآت الكبيرة وبعض التكتلات التجارية ورموزها وأن نقوم على دعم الفرد والمنشآت الصغيرة والمتوسطة وتطوير وتأهيل أبناء الوطن بأدوات ومنهجية حديثة تواكب متغيرات الزمان وأن نشجع ثقافة الإستثمار والإدخار والانتاج والترشيد وليس الاستهلاك والرأسمالية المبنية على الجشع والأنانية.
وأخيراً علينا أن لا نصر أو نكابر باننا بمنأى عن التقلبات الاقتصادية وأن اقتصادنا متين فحتى القوة العظمى الغنية سابقا أُصيبت بضرر الرأسمالية وانهارت أو ع‍لى شفا حفرة من الانهيار ولنستفيد من دروسنا ودروس الغير، حيث بدأنا نرى ملامح هذا الضرر على اقتصادنا ومجتمعنا وأفضل وقت للمراجعة والإصلاح الاقتصادي هو المرحلة الراهنة  خاصة أننا في قمة قوتنا المالية و ليس العمل على تأجيل و ترحيل المواضيع وإعطاء المدح لبعضنا حتى يكون لنا خارطة طريق لنظام مالي سعودي جديد وشامل لجميع اطياف الوطن.