العدد: 6923 1433/11/08 الموافق: 2012-09-24
الاحتياطيات المالية السعودية.. والمراجعة الاقتصادية
تمر المملكة بطفرة اقتصادية غير مسبوقة قد تكون هي الأكبر والأطول، بل أفضل طفرة شهدتها المملكة، حيث شملت مراجعة كاملة لتأهيل البنية التحتية بمشاريع في مختلف مناطق المملكة، كما شملت هذه الطفرة المميزة نوعين متكاملين في الجوانب المعمارية ''طفرة حجر'' وأخرى ''طفرة فكر'' موازية لتلك في الأنظمة كمشروع تطوير نظام القضاء والتعليم وأخيرا الأنظمة العقارية، فضلا عن بعض الأنظمة الاستثمارية الأخرى.
والهدف من كل ذلك هو تلمس هذه الطفرة بشقيها احتياجات المواطن الأساسية من بيئة سليمة في جوانبها كافة ''البنية التحتية والبشرية'' والاجتماعية للحصول على فرص ''التوظيف''، علاوة على قضايا السكن والتعليم، كما نصت عليها الخطة الخمسية الحالية التاسعة ''الاقتصاد المعرفي'' وكذا المسائل الصحية في سبيل حصول المواطن على الرعاية والعناية الصحية المطلوبة.
هذه الطفرة المباركة التي تحققت بفضل قيادة حاكم مبارك (أبو متعب - حفظه الله) يشهد ببركتها الكل من بشر وشجر وطير، حيث يعيشها الكل دون استثناء، وهدفت الأمور منذ توليه - رعاه الله - في عام 2005 إلى العناية بالإنسان السعودي ووطنه وصاحب تلك الفترة نمو وتحسن اقتصادي وفائض ودخل ملموس واضح للقاصي والداني، ما أدى إلى وصول احتياطيات المملكة المالية إلى أكثر من 600 مليار دولار، وهي الأعلى عالميا على مستوى الفرد.
إن التحدي الاقتصادي أصبح أكثر إلحاحا من الناحية الإدارية، نظرا لأن مسيرة التطور والنمو الاقتصادي أخذت في الصعود، وتجاوز حجم الاقتصاد الوطني تريليوني ريال العام الماضي بنسبة نمو تجاوزت 7 في المائة، وهي الأعلى منذ عام 1981، الذي شهد متغيرات عالمية سياسية واقتصادية بتغير موازين القوة في العديد من الدول بداية بزلزال النظام المالي الغربي ونهاية بسقوط بعض الأنظمة في دول عربية وتحول في القوة المالية الممولة لمصلحة دول الشرق، خاصة الصين بدلا من الغرب، وكذا حاجة النظام الغربي إلى البحث عن حلول مالية للخروج من النكبات الهيكلية المتتالية التي يمر بها من أزمة عقار إلى أزمة نظام مالي وأزمة دول ''ديون سيادية''، وبقيت الورقة الأخيرة السليمة لهذا النظام المالي متمثلة في الدولار الأمريكي الذي لا يزال سيد الموقف حتى تاريخه، حيث إن غالبية المعاملات التجارية الدولية تتم به (أكثر من 60 في المائة من معاملات العالم التجارية) ولا أحد يستطيع التنبؤ بالاستمرار في ذلك في المستقبل البعيد.
إن الواجب في المرحلة الراهنة هو القيام بالمراجعة المالية الشاملة، خاصة للاستثمارات المالية السعودية الموجودة بالنظام الغربي، وفي ذلك أشار إليها جزئيا تقرير صندوق النقد الدولي الأخير لعام 2012 الصادر في 2 تموز (يوليو)، الذي جاء فيه ''إن الحكومة السعودية تنفق أكثر مما ينبغي لها إذا كانت تريد الحفاظ على الثروة النفطية للبلاد للأجيال القادمة''، فهنا نتفق مع شكلية هذا الادعاء ونختلف معه اقتصاديا، ذلك أن صندوق النقد الدولي يعاني مشكلات اقتصادية وسياسة الازدواجية في المعايير، بل نقول: إنه يجب أن نزيد من الإنفاق الحكومي النزيه والفعلي والشفاف على البنية التحتية والعنصر البشري والخدمات الاجتماعية الضرورية في المملكة، حيث أورد التقرير أن الإنفاق الحكومي زاد على المخطط له بنسبة 38 في المائة وبزيادة عن العام الماضي بنسبة 23 في المائة في عام 2011، حيث بلغ 804 مليارات ريال، وبما أننا الأدرى باحتياجاتنا الاقتصادية والمالية أكثر من غيرنا، فيمكننا القول: إننا نحتاج إلى زيادة الإنفاق الحكومي أكثر مما كان عليه بأضعاف والتركيز على بناء وإعادة تأهيل البنية التحتية (إنفاق سخي على كل من كهرباء وشبكات تصريف صحي وشبكات خطوط طرق وشوارع وأحياء سكنية ومياه وإنارة وغيرها)، وكذا تنمية وتطوير العنصر البشري والاجتماعي، لأن المملكة مرت في الفترة السابقة لتلك الطفرة بفترة ركود اقتصادي وانخفاض في أسعار النفط لأكثر من عشر سنوات، خاصة في المشاريع التنموية، ومع ذلك صاحبه نمو سكاني تجاوز 3.2 في المائة، وهو يعد من الأعلى عالميا، وبلوغ أكثر من 60 في المائة من سكان الوطن لعمر 30 سنة، ما ضاعف الحاجة إلى هذا الطلب والاحتياجات الأساسية لبناء التنمية.
وبما أن هذه الاحتياطات المالية الموجودة أغلبها في أمريكا في صورة سندات حكومية وهي بعائد سالب، حيث بلغ العائد لسندات العشر سنوات 1.625 في المائة والثلاث سنوات 0.25 في المائة ( أي أقل من ربع في المائة) والسنوي صفر في المائة، وهذه تعتبر خسارة مالية وورقية وحسابية كبيرة للوطن ما عدا الشعور بأن تلك الأموال من الاحتياطيات في أمان وفي وعاء استثماري كبير يستوعب ذلك، إلا أنه حتى هذه المعلومة أصبح مشكوكا فيها، خاصة بعد الادعاءات القضائية المستمرة الموجهة للمملكة ونظامها المالي وبعض رموزها من تلك الدول بصور قضائية وإعلامية منذ الـ11 من أيلول (سبتمبر) 2001 حتى تاريخه، وكذلك تسييس المنظمات العالمية كصندوق النقد وغيره، فعلى سبيل المثال كان الأجدى من صندوق النقد وبتقريره الأخير المشار إليه وبكل حيادية وموضوعية علمية ألا يناقض نفسه وينتقد المملكة على زيادة الإنفاق، بل يوصي بزيادة الإنفاق الحكومي وأن ينتقد مساعدة المملكة للصندوق، حيث تسلموا من المملكة مساعدات لصندوق النقد الداعم لأوروبا العجوز مبلغ 15 مليار دولار (وهل أوروبا فقيرة وفي حاجة أم إفريقيا وبعض الدول العربية؟)، كما أنه أيضا إذا رغب أن ينتقد صندوق النقد إنتاج المملكة للبترول الذي يتجاوز في بعض الأوقات عشرة ملايين برميل /اليوم ليواكب احتياجات العالم لتقبلنا هذا المنطق بفكر اقتصادي، ولكن يحق لكل جهة أن تنظر في صالحها! والأمثلة الاقتصادية كثيرة لتثبت لنا ذلك أن النظام الغربي المتقلب في سياسته ومصالحه حريص على حفظ المدخرات بنظامه.
ولنعد إلى ما يصلح لنا ونحن لسنا أول من ينتهج ذلك، فمن المفروض أن نحاول سحب الاحتياطيات المالية بطريقة ذكية، كما أنه من المفروض أن الذي أوصى أو عمل على إدخال هذه الأموال إلى النظام المتهالك بعائده البائس أن يملك الكيفية في خروج أموالنا بطريقة سليمة وتدريجية وليست كلها (لن يستطيع ذلك حتى لو رغب، لأنها مفلسة ماليا).
فعلى سبيل المثال لجأت البرازيل إلى هذا الأسلوب عندما أدركت أن عائدات السندات الأمريكية غير مجزية كما ذكرنا وقررت الاستثمار الداخلي وزيادة حجم الإنفاق بدلا من الاستثمار الخارجي وزيادة الاحتياطيات والتركيز على بناء البنية التحتية لها، وأدى هذا النهج إلى تحول البرازيل لبيئة جاذبة للاستثمار، خاصة رؤوس الأموال الوطنية المهاجرة والأجنبية الجديدة وأصبحت من قوى العالم الاقتصادي المعروف بـ''ريكس''. إننا ندرك أن البعض من أصحاب الفكر الاقتصادي قد يدّعي أن الإنفاق الحكومي قد لا يستوعب ذلك، وقد يزيد من نسبة التضخم الذي هو الآن في حدود 5 في المائة، لكن إذا كان الإنفاق رأسماليا وأساسيا للبنية التحتية من مشاريع كهرباء ومياه وطاقة وتطوير وتنمية وغيرها، التي نحن في حاجة ماسة إليها وليس تدوير صفقات أو تدوير أراض أو مضاربات مالية أو الاستهلاكي (أي مركز اجتماعي)، فإنه لن يحدث تضخم يذكر، وذلك كما هو حادث الآن من أن التضخم انخفض هذا العام عمّا كان عليه في عام 2010 عندما بلغ 5.9 في المائة إلى النسبة المذكورة، على الرغم من زيادة الإنفاق خلال الفترة حتى تاريخه! والمملكة في حاجة إلى ذلك الاستثمار أن يكون محليا وفيها من المشاريع الحيوية ما يستوعب ذلك.
إننا نحتاج الآن أكثر من أي وقت سابق إلى إعادة مراجعة مالية كاملة وبمنهجية لشؤوننا المالية (السياسة المالية والنقدية والنظام المالي الحسابي والرقابي والمصرفي والمنتجات المصرفية والأنظمة المالية)، وهذا مطلب واقعي، وكما قال صندوق النقد الدولي هو أيضا ''حق الأجيال'' وأن نضع احتياطيات المملكة المالية بالأولية التي تبلغ أكثر من 600 مليار دولار ونستفيد منها في الوقت الراهن وألا تُترك مونة للنظام المالي الغربي ذي العائد السلبي الخاسر والوطن في أمس الحاجة إليها للإنفاق المحلي والشفاف في مجالات التنمية الأساسية من بنية تحتية ومواصلات وكهرباء ومياه وفي الجوانب الصحية والعلمية والسكنية والتوظيفية والأمنية والعسكرية ومجالات البيئة وتنمية الأعمال المتوسطة والصغيرة، فالعائد على الاستثمار المحلي سيكون ذا جدوى أفضل بكثير وأربح ومغريا للاستثمار الوطني ويعيد بعض الأموال المهاجرة بدلا من العائد الذي هي عليه الآن! إننا كنا في السابق نعتقد خطأ أن النظام الغربي المالي لديه الجواب الاقتصادي الشافي للمسائل الاقتصادية إلا أنه – مع الأسف - اتضح لنا عكس ذلك، بل النقيض منه منذ عام 2007 حتى تاريخه، والواقع يثبت نفسه أن هذا النظام ومنظماته العالمية لا يملكون الجواب وليست في أيديهم زمام أموره، فكيف نستسلم لادعاءات ينظر إليها بمنظاره هو وكما يُقال: فإن ''أهل مكة أدرى بشعابها''!
والهدف من كل ذلك هو تلمس هذه الطفرة بشقيها احتياجات المواطن الأساسية من بيئة سليمة في جوانبها كافة ''البنية التحتية والبشرية'' والاجتماعية للحصول على فرص ''التوظيف''، علاوة على قضايا السكن والتعليم، كما نصت عليها الخطة الخمسية الحالية التاسعة ''الاقتصاد المعرفي'' وكذا المسائل الصحية في سبيل حصول المواطن على الرعاية والعناية الصحية المطلوبة.
هذه الطفرة المباركة التي تحققت بفضل قيادة حاكم مبارك (أبو متعب - حفظه الله) يشهد ببركتها الكل من بشر وشجر وطير، حيث يعيشها الكل دون استثناء، وهدفت الأمور منذ توليه - رعاه الله - في عام 2005 إلى العناية بالإنسان السعودي ووطنه وصاحب تلك الفترة نمو وتحسن اقتصادي وفائض ودخل ملموس واضح للقاصي والداني، ما أدى إلى وصول احتياطيات المملكة المالية إلى أكثر من 600 مليار دولار، وهي الأعلى عالميا على مستوى الفرد.
إن التحدي الاقتصادي أصبح أكثر إلحاحا من الناحية الإدارية، نظرا لأن مسيرة التطور والنمو الاقتصادي أخذت في الصعود، وتجاوز حجم الاقتصاد الوطني تريليوني ريال العام الماضي بنسبة نمو تجاوزت 7 في المائة، وهي الأعلى منذ عام 1981، الذي شهد متغيرات عالمية سياسية واقتصادية بتغير موازين القوة في العديد من الدول بداية بزلزال النظام المالي الغربي ونهاية بسقوط بعض الأنظمة في دول عربية وتحول في القوة المالية الممولة لمصلحة دول الشرق، خاصة الصين بدلا من الغرب، وكذا حاجة النظام الغربي إلى البحث عن حلول مالية للخروج من النكبات الهيكلية المتتالية التي يمر بها من أزمة عقار إلى أزمة نظام مالي وأزمة دول ''ديون سيادية''، وبقيت الورقة الأخيرة السليمة لهذا النظام المالي متمثلة في الدولار الأمريكي الذي لا يزال سيد الموقف حتى تاريخه، حيث إن غالبية المعاملات التجارية الدولية تتم به (أكثر من 60 في المائة من معاملات العالم التجارية) ولا أحد يستطيع التنبؤ بالاستمرار في ذلك في المستقبل البعيد.
إن الواجب في المرحلة الراهنة هو القيام بالمراجعة المالية الشاملة، خاصة للاستثمارات المالية السعودية الموجودة بالنظام الغربي، وفي ذلك أشار إليها جزئيا تقرير صندوق النقد الدولي الأخير لعام 2012 الصادر في 2 تموز (يوليو)، الذي جاء فيه ''إن الحكومة السعودية تنفق أكثر مما ينبغي لها إذا كانت تريد الحفاظ على الثروة النفطية للبلاد للأجيال القادمة''، فهنا نتفق مع شكلية هذا الادعاء ونختلف معه اقتصاديا، ذلك أن صندوق النقد الدولي يعاني مشكلات اقتصادية وسياسة الازدواجية في المعايير، بل نقول: إنه يجب أن نزيد من الإنفاق الحكومي النزيه والفعلي والشفاف على البنية التحتية والعنصر البشري والخدمات الاجتماعية الضرورية في المملكة، حيث أورد التقرير أن الإنفاق الحكومي زاد على المخطط له بنسبة 38 في المائة وبزيادة عن العام الماضي بنسبة 23 في المائة في عام 2011، حيث بلغ 804 مليارات ريال، وبما أننا الأدرى باحتياجاتنا الاقتصادية والمالية أكثر من غيرنا، فيمكننا القول: إننا نحتاج إلى زيادة الإنفاق الحكومي أكثر مما كان عليه بأضعاف والتركيز على بناء وإعادة تأهيل البنية التحتية (إنفاق سخي على كل من كهرباء وشبكات تصريف صحي وشبكات خطوط طرق وشوارع وأحياء سكنية ومياه وإنارة وغيرها)، وكذا تنمية وتطوير العنصر البشري والاجتماعي، لأن المملكة مرت في الفترة السابقة لتلك الطفرة بفترة ركود اقتصادي وانخفاض في أسعار النفط لأكثر من عشر سنوات، خاصة في المشاريع التنموية، ومع ذلك صاحبه نمو سكاني تجاوز 3.2 في المائة، وهو يعد من الأعلى عالميا، وبلوغ أكثر من 60 في المائة من سكان الوطن لعمر 30 سنة، ما ضاعف الحاجة إلى هذا الطلب والاحتياجات الأساسية لبناء التنمية.
وبما أن هذه الاحتياطات المالية الموجودة أغلبها في أمريكا في صورة سندات حكومية وهي بعائد سالب، حيث بلغ العائد لسندات العشر سنوات 1.625 في المائة والثلاث سنوات 0.25 في المائة ( أي أقل من ربع في المائة) والسنوي صفر في المائة، وهذه تعتبر خسارة مالية وورقية وحسابية كبيرة للوطن ما عدا الشعور بأن تلك الأموال من الاحتياطيات في أمان وفي وعاء استثماري كبير يستوعب ذلك، إلا أنه حتى هذه المعلومة أصبح مشكوكا فيها، خاصة بعد الادعاءات القضائية المستمرة الموجهة للمملكة ونظامها المالي وبعض رموزها من تلك الدول بصور قضائية وإعلامية منذ الـ11 من أيلول (سبتمبر) 2001 حتى تاريخه، وكذلك تسييس المنظمات العالمية كصندوق النقد وغيره، فعلى سبيل المثال كان الأجدى من صندوق النقد وبتقريره الأخير المشار إليه وبكل حيادية وموضوعية علمية ألا يناقض نفسه وينتقد المملكة على زيادة الإنفاق، بل يوصي بزيادة الإنفاق الحكومي وأن ينتقد مساعدة المملكة للصندوق، حيث تسلموا من المملكة مساعدات لصندوق النقد الداعم لأوروبا العجوز مبلغ 15 مليار دولار (وهل أوروبا فقيرة وفي حاجة أم إفريقيا وبعض الدول العربية؟)، كما أنه أيضا إذا رغب أن ينتقد صندوق النقد إنتاج المملكة للبترول الذي يتجاوز في بعض الأوقات عشرة ملايين برميل /اليوم ليواكب احتياجات العالم لتقبلنا هذا المنطق بفكر اقتصادي، ولكن يحق لكل جهة أن تنظر في صالحها! والأمثلة الاقتصادية كثيرة لتثبت لنا ذلك أن النظام الغربي المتقلب في سياسته ومصالحه حريص على حفظ المدخرات بنظامه.
ولنعد إلى ما يصلح لنا ونحن لسنا أول من ينتهج ذلك، فمن المفروض أن نحاول سحب الاحتياطيات المالية بطريقة ذكية، كما أنه من المفروض أن الذي أوصى أو عمل على إدخال هذه الأموال إلى النظام المتهالك بعائده البائس أن يملك الكيفية في خروج أموالنا بطريقة سليمة وتدريجية وليست كلها (لن يستطيع ذلك حتى لو رغب، لأنها مفلسة ماليا).
فعلى سبيل المثال لجأت البرازيل إلى هذا الأسلوب عندما أدركت أن عائدات السندات الأمريكية غير مجزية كما ذكرنا وقررت الاستثمار الداخلي وزيادة حجم الإنفاق بدلا من الاستثمار الخارجي وزيادة الاحتياطيات والتركيز على بناء البنية التحتية لها، وأدى هذا النهج إلى تحول البرازيل لبيئة جاذبة للاستثمار، خاصة رؤوس الأموال الوطنية المهاجرة والأجنبية الجديدة وأصبحت من قوى العالم الاقتصادي المعروف بـ''ريكس''. إننا ندرك أن البعض من أصحاب الفكر الاقتصادي قد يدّعي أن الإنفاق الحكومي قد لا يستوعب ذلك، وقد يزيد من نسبة التضخم الذي هو الآن في حدود 5 في المائة، لكن إذا كان الإنفاق رأسماليا وأساسيا للبنية التحتية من مشاريع كهرباء ومياه وطاقة وتطوير وتنمية وغيرها، التي نحن في حاجة ماسة إليها وليس تدوير صفقات أو تدوير أراض أو مضاربات مالية أو الاستهلاكي (أي مركز اجتماعي)، فإنه لن يحدث تضخم يذكر، وذلك كما هو حادث الآن من أن التضخم انخفض هذا العام عمّا كان عليه في عام 2010 عندما بلغ 5.9 في المائة إلى النسبة المذكورة، على الرغم من زيادة الإنفاق خلال الفترة حتى تاريخه! والمملكة في حاجة إلى ذلك الاستثمار أن يكون محليا وفيها من المشاريع الحيوية ما يستوعب ذلك.
إننا نحتاج الآن أكثر من أي وقت سابق إلى إعادة مراجعة مالية كاملة وبمنهجية لشؤوننا المالية (السياسة المالية والنقدية والنظام المالي الحسابي والرقابي والمصرفي والمنتجات المصرفية والأنظمة المالية)، وهذا مطلب واقعي، وكما قال صندوق النقد الدولي هو أيضا ''حق الأجيال'' وأن نضع احتياطيات المملكة المالية بالأولية التي تبلغ أكثر من 600 مليار دولار ونستفيد منها في الوقت الراهن وألا تُترك مونة للنظام المالي الغربي ذي العائد السلبي الخاسر والوطن في أمس الحاجة إليها للإنفاق المحلي والشفاف في مجالات التنمية الأساسية من بنية تحتية ومواصلات وكهرباء ومياه وفي الجوانب الصحية والعلمية والسكنية والتوظيفية والأمنية والعسكرية ومجالات البيئة وتنمية الأعمال المتوسطة والصغيرة، فالعائد على الاستثمار المحلي سيكون ذا جدوى أفضل بكثير وأربح ومغريا للاستثمار الوطني ويعيد بعض الأموال المهاجرة بدلا من العائد الذي هي عليه الآن! إننا كنا في السابق نعتقد خطأ أن النظام الغربي المالي لديه الجواب الاقتصادي الشافي للمسائل الاقتصادية إلا أنه – مع الأسف - اتضح لنا عكس ذلك، بل النقيض منه منذ عام 2007 حتى تاريخه، والواقع يثبت نفسه أن هذا النظام ومنظماته العالمية لا يملكون الجواب وليست في أيديهم زمام أموره، فكيف نستسلم لادعاءات ينظر إليها بمنظاره هو وكما يُقال: فإن ''أهل مكة أدرى بشعابها''!
No comments:
Post a Comment