العدد: 6761 1433/05/23 الموافق: 2012-04-15
ومطالب بإبعاد «التجارة العالمية» عن المصالح السياسية للدول العظمى
اتفق عدد من الاقتصاديين على أن منظمة التجارة العالمية خلال السنوات الخمس الأخيرة تعمل بشكل لا يتوافق مع أهدافها الرئيسية التي كانت تسير وفقها، لتصبح منظمة شبه سياسية مزدوجة المعايير تنحاز لبعض الدول بما يتوافق مع مصالحها متناسية مصالح الدول النامية بالتحديد، لافتين إلى أن المكتسبات الاقتصادية للمملكة منذ انضمامها إلى المنظمة عام 2005 لا يتوافق مع الامتيازات التي تمتلكها المملكة، كدولة بترولية وثالث دولة تمتلك احتياطيات مالية والنمو الاقتصادي السريع الذي حققته المملكة.
مطالبين في الوقت ذاته بضرورة ربط الاستثمارات المالية السعودية في الخارج مع جهات التفاوض لفرض قوة الاقتصاد السعودي وعدم الاعتماد على المفاوضات وأنظمة المنظمة، والتنسيق بين الجهات المعنية بالمنظمة داخل المملكة من المستثمرين والجهات الحكومية وربطها ببعض لتعمل بمنهج واضح يخدم المصالح التجارية للمملكة.
وأوضح محمد شمس مدير مركز دراسة الجدوى الاقتصادية للاستشارات أن منظمة التجارة العالمية منظمة شبه سياسية دوافعها اقتصادية ولكن قراراتها تتغلب عليها القوة السياسية، فالأوضاع السياسية تتغلب على المشاكل الاقتصادية لدول المنظمة والتي عادة تكون ضحيتها الدول النامية، فرغم صعوبات الانضمام إلى المنظمة إلا أنها وبمجرد الانضمام إليها يتضح أنها تحكمها قوانين سياسية منحازة للاقتصادات الكبرى التي تمتلك أكبر الحصص، فأغلب القضايا تكسبها الاقتصادت الكبرى مثل أمريكا وأوروبا، مستدلا بالشكوى المقدمة أخيرا من أمريكا ضد الصين بسبب احتكار الصين للمعادن النادرة التي تدخل في صناعات التقنية والتكنولوجيا والتي من المتوقع وكما هو واضح أن تكسبها أمريكا، وقال القوة السياسية والمالية هما أساس النجاح في منظمة التجارة العالمية. وأشار شمس إلى أن المنظمة ساعدت على فتح التجارة الحرة والأسواق العالمية ولكنها لم تحقق شيئا ملموسا للدول النامية، فخلال السنوات الخمس الأخيرة أصبح الانضمام إلى المنظمة برستيج للدول لرفع مكانتها الاقتصادية رغم محدودية المنافع المرجوة منها خاصة للدول النامية. فيما أوضح الدكتور وديع كابلي أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبد العزيز في جدة أنه خلال السنوات الخمس الماضية أصبح دور منظمة التجارة العالمية هامشيا، وقد ظهر ذلك خلال الأزمات الاقتصادية العالمية التي لحقت بالاقتصاد الأمريكي والأوروبي وتأثيرها في الاقتصادات الأخرى، إضافة إلى القضايا التي مرت ببعض دول المنظمة لم يتم تذليلها أو الفصل فيها، كما أن هناك دولا لم تتقيد بالتعليمات والأنظمة الرئيسية للمنظمة ، مثل الولايات المتحدة وأوروبا التي لم تستجب للشكاوى المقدمة للممارسات غير النظامية في بعض القضايا وكسب أغلب القضايا المقدمة ضدها، مرجعا ذلك إلى وجود بعض الثغرات والعبارات الغامضة خلال صياغتها، حيث يمكن تفسيرها بعدة طرق وفق مصالح الدول الكبرى وتكون ضد الطرف الآخر، كما حصل مع فرض الضريبة على الكربون أخيرا، التي ردت إلى تفسير عباراتها الغامضة وفق مصالحهم، فعادة عند إثارة مثل هذه القضايا ترد عليها بقوانين لا يمكن معها أخذ الحق منها، فالمنظمة تقف بجانب الجهة الأقوى وفق نظامها الرأس مالي.
وعاد الكابلي ليوضح المكتسبات التي استطاعت المملكة أن تكتسبها من انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية، استطاعت المملكة أن تحدّث معظم الأنظمة التجارية والاقتصادية بشكل يتلاءم مع الأنظمة العالمية، خاصة فيما يخص التصدير فقد ساعدت الصادرات السعودية ''البتروكيماويات وبعض الصناعات المحلية '' على إيجاد أسواق في الخارج بعد أن كانت بعض الدول تضع حواجز وعوائق جمركية أمام الصادرات السعودية، ولكن فيما يخص الاستيراد لم تتأثر المملكة وذلك لعدم وجود حواجز جمركية حيث تعتبر المملكة من أكثر الدول انفتاحا على الاستيراد، ولكن ما كان يضر الاقتصاد السعودي هو فتح الاستثمار الأجنبي في المملكة خاصة أن المملكة تحتوي على أعداد كبيرة من الأجانب إضافة إلى رفع القيود على تعاملات الأجانب، فأنظمة التقاضي كانت لابد أن تتوافق مع أنظمة المنظمة التي استشعرها المستثمر الأجنبي بشكل أكبر من المواطن.
وحول انحياز منظمة التجارة العالمية أشار وديع إلى أن منظمة التجارة العالمية تسير وفق نظام رأس مالي بغض النظر عن الدول الكبرى والصغرى، ففتح الحرية التجارية وفتح الأبواب من النظريات الاقتصادية الرأس مالية التي تؤدي إلى قيام شركات كبرى وحصول الدول الكبرى على مزايا أكثر من الدول النامية، وذلك لأن تأسيسها كان بواسطة الدول المسيطرة التي تسعى إلى أن يكون الاقتصاد التجاري على النمط الحر وقد تتنافي تلك الحرية الاقتصادية مع مصالح بعض الدول الضعيفة أو المستضعفة التي لاتستطيع أن تنافس رغم أن بعض البنود تعطي معاملة تفضيلية لبعض الدول النامية لجذبها للانضمام إلى المنظمة إلا أن نظامها رأس مالي يدعم الجهة الأقوى بطبيعة الحال، حيث هناك دول ذات اقتصادات كبرى مثل روسيا لم يتم قبول انضمامها إلى المنظمة، مما يظهر أن لها شروطا تريد أن تمليها على بعض الدول إذا أرادت الانضمام.
وأبان الدكتور سامي النويصر الرئيس التنفيذي لشركة السامي القابضة أن منظمة التجارة العالمية أصبحت منظمة مزدوجة المعايير تنحاز إلى جهات معينة، ظهر ذلك خلال السنوات الخمس الأخيرة، فما يطبق على دول العالم الثالث لا يطبق على الدول الأوروبية وأمريكا واليابان وما تنص عليه الأنظمة لا يتم تنفيذه، فالانفتاح الاقتصادي وحرية التجارة لا يطبق بالشكل الصحيح وفق أهداف المنظمة، وهو ما تسبب في عرقلة حركة منظمة التجارة العالمية أخيرا وحدوث تصادمات بين بعض الدول.
ولفت النويصر إلى أن منظمة التجارة العالمية منظمة يحتاج إليها العالم لعدم توافر البديل، فقد سارت بنهج واضح وممتاز منذ تأسيسها بإزالة الحدود والعوائق التجارية بين دول العالم وتوسيع دائرة التبادل التجاري وحسم الخلافات، ولكن مع تغير الأوضاع الاقتصادية في العالم الغربي ظهرت الازدواجية وعدم الالتزام بالمعايير التي خلقتها، والانحياز الكبير لبعض الدول والسير وفق مصالحها بشكل لافت حد من استفادة الدول النامية من الانضمام إلى المنظمة، وقال إن ازدواجية المعاييرأصبحت تتوسع بالمنظمة، فربما يتم اتهام المملكة العربية السعودية بدعم المنتجات البترولية والمنتجات البتر كيميائية، بينما ألمانيا تدعم توليد الطاقة البديلة، وتدعو المنظمة إلى تبادل المصالح والمنافع بينما ترفض بعض الدول الكبرى في المنظمة نقل التكنولوجيا إلى خارج محيطها، وهو ما حصل أخيرا عندما قامت المنظمة بعمل يناقض أنظمة المنظمة وذلك عندما رفضت أوروبا رفضا تاما تصدير الآلات ونقل التكنولوجيا للمملكة لدعم مصانع إنتاج المواد الأولية ومساعدتها على تنويع مصادر الدخل، وزاد أن جميع استثمارات العالم الثالث محدودة باستثمارات معينة غير منتجة كالفنادق وشراء الحصص من الشركات الكبرى ، بعكس الدول الكبرى والصين التي تستخدم نفوذها واستراتيجيتها لنقل التكنولوجيا إلى بلدها لإعادة تصديرها، حيث تعمل باستراتيجية ورؤية مستقبلية واضحة طويلة الأجل. وأكد النويصر أن استمرار منظمة التجارة العالمية على نفس النهج البائت يجعل أنظمتها معطلة ومسخرة لصالح من ابتدعها من الدول الكبرى وزيادة تضرر الدول النامية، كما يعمل على خلق تكتلات بين الدول، مثلما حصل بعد فرض الدول الأوروبية ضريبة على الكربون بخلق تكتل كبير للدول منها الهند والصين والسعودية وبعض الدول التي رفضت الضريبة لتضرر الكربون والطيران على حد سواء، كما سيعمل على إقامة جهة حيادية تخلق أحزابا تضر مسيرة المنظمة. وحول احتمالية خروج الدول من المنظمة استبعد النويصر خروج أي دولة من الدول الأعضاء خاصة مع توسع التجارة العالمية والعولمة ولعدم وجود البديل فالمنظمة تعتبر همزة الوصل التجارية بين دول العالم ونافذة التواصل ولكن وفق مصالحها.
وحول مكتسبات المملكة من انضمامها للمنظمة أشار النويصر إلى أن الاستفادة التي حققتها المملكة ما زالت محدودة جدا، مقارنة مع الامتيازات الاقتصادية التي تمتلكها، فالمملكة دولة بترولية كبيرة وذات احتياطيات عالمية عالية تسجل المرتبة الثالثة ولها وزن اقتصادي كبير لم تستفد منه بالشكل الكافي وبما يخدم مصالحها في المؤسسة، أسوة بالصين التي تستخدم نفوذها المالي باتفاقياتها وبما يتناسب مع مصالحها، مرجعا ذلك إلى عدة أمور خارجية وأخرى داخلية خاصة بأنظمة المنظمة، تتصدرها الازدواجية في المعايير والانحياز الكبير لبعض الدول والسير وفق مصالحها، إضافة إلى تباطؤ وتأخير المعاملات والحقوق المستحقة في حال تمت المطالبة بها، مبينا أن عدم استخدام القوة المالية كجزء من مفاوضاتنا مع الدول المنظمة للمنظمة إضافة إلى عدم وجود تنسيق بين الجهات الاستثمارية للاحتياطيات المالية للمملكة مع الجهات المفاوضة واستخدامها كقوة، زادت من الاستنزاف المالي والهدر غير الموجه لصالح البلد وعدم الاستفادة وتسخير قوتها المالية لعقد الاتفاقات والمفاوضات، أسوة بالدول الكبرى. وفي الجانب الداخلي لا يوجد تنسيق بين الوزارات والجهات المعنية في المنظمة لمعرفة الحقوق والاستفادة من الامتيازات التي تمتلكها المملكة فكل جهة تعمل بشكل مستقل بذاتها مع المنظمة فعمليات التفاوض منفصلة عن الجهات الاستثمارية المالية والبترولية مما أضعف فرص الاستفادة من الامتيازات التي تمتلكها المملكة، وقال هناك كثير من القضايا المعطلة لم ترفع وهي من صلب حقوقنا مما يجعلها خسارة لنا فلا يوجد منهج واضح واستراتيجية تربط جميع الجهات المعنية بالتجارة العالمية لفرض قوة الاقتصاد السعودي عند المفاوضات والاتفاقيات.
وحصر النويصر مكتسبات المملكة في اتجاهين: مكتسبات استطاعت تحقيقها ومكتسبات معطلة، فقد استطاعت توسيع دائرة نشاطها التجاري مع دول أخرى، إضافة إلى توجه المملكة إلى الاقتصاد المعرفي المتماشي مع التوجه العالمي، وحصول المملكة على المرتبة 12 من ناحية أفضل بيئة استثمارية لتطبيقها معايير منظمة التجارة العالمية، فالإصلاحات الاقتصادية التابعة للخطة الخمسية التي أقرتها المملكة وبدأت عام 2009م وخصصت لها 400 مليار دولار للإصلاحات الاقتصادية متماشية مع متطلبات المنظمة العالمية، النهوض بالاقتصاد بفكر جديد ونهج جديد.
وشدد النويصر على ضرورة ربط المفاوضات بالجهات الاستثمارية المالية بحيث تستخدم الاحتياطيات المالية كقوة في صنع القرار والمفاوضات، أسوة بالدول الكبرى وبما يتماشى مع مصالح المملكة ، وعدم الاعتماد على قوة المفاوضات وقوة الأنظمة في منظمة التجارة العالمية التي تنحاز إلى بعض الدول، وحتى لا تكون معزولة عن العالم التجاري.
من جهة أخرى أشار عبد العزيز السريع إلى أنه لا توجد فائدة مباشرة للمستثمرين استثمارات دولية، وقال: '' لم نلتمس أي فائدة من انضمام المملكة العربية السعودية لمنظمة التجارة ، مرجعا ذلك إلى التباطؤ في نقل المعلومة للتجار المعنيين بالتجارة الدولية، ولا توجد أي اجتماعات للجهات ذات العلاقة بالمنظمة مع التجار لبحث التسهيلات والاستفادة منها ومعرفة الواجبات والحقوق، خاصة مع توسع حجم الاستثمارات السعودية الدولية والتنافس بين الاستثمارات، مبينا أن المملكة تمتلك مكانة اقتصادية كبيرة لابد من الاستفادة منها سواء للمستثمرين السعوديين في الخارج أو الاستثمارات الحكومية في الخارج، وشدد على ضرورة عمل مركز معلومات لتوضيح الصور، وآلية عمل منظمة التجارة العالمية، ومعرفة إيجابياتها، وطرح القضايا التي استطاعت المملكة أن تكسبها، والثغرات التي عرضت المملكة للتعثر، ليكون أمامنا منهج واضح يستطيع أي تاجر دولي الاستفادة منه، إضافة الى تكثيف الدورات التوعوية والمؤتمرات التي توضح آلية عمل المنظمة والتغيرات بشكل دوري.
مطالبين في الوقت ذاته بضرورة ربط الاستثمارات المالية السعودية في الخارج مع جهات التفاوض لفرض قوة الاقتصاد السعودي وعدم الاعتماد على المفاوضات وأنظمة المنظمة، والتنسيق بين الجهات المعنية بالمنظمة داخل المملكة من المستثمرين والجهات الحكومية وربطها ببعض لتعمل بمنهج واضح يخدم المصالح التجارية للمملكة.
وأوضح محمد شمس مدير مركز دراسة الجدوى الاقتصادية للاستشارات أن منظمة التجارة العالمية منظمة شبه سياسية دوافعها اقتصادية ولكن قراراتها تتغلب عليها القوة السياسية، فالأوضاع السياسية تتغلب على المشاكل الاقتصادية لدول المنظمة والتي عادة تكون ضحيتها الدول النامية، فرغم صعوبات الانضمام إلى المنظمة إلا أنها وبمجرد الانضمام إليها يتضح أنها تحكمها قوانين سياسية منحازة للاقتصادات الكبرى التي تمتلك أكبر الحصص، فأغلب القضايا تكسبها الاقتصادت الكبرى مثل أمريكا وأوروبا، مستدلا بالشكوى المقدمة أخيرا من أمريكا ضد الصين بسبب احتكار الصين للمعادن النادرة التي تدخل في صناعات التقنية والتكنولوجيا والتي من المتوقع وكما هو واضح أن تكسبها أمريكا، وقال القوة السياسية والمالية هما أساس النجاح في منظمة التجارة العالمية. وأشار شمس إلى أن المنظمة ساعدت على فتح التجارة الحرة والأسواق العالمية ولكنها لم تحقق شيئا ملموسا للدول النامية، فخلال السنوات الخمس الأخيرة أصبح الانضمام إلى المنظمة برستيج للدول لرفع مكانتها الاقتصادية رغم محدودية المنافع المرجوة منها خاصة للدول النامية. فيما أوضح الدكتور وديع كابلي أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبد العزيز في جدة أنه خلال السنوات الخمس الماضية أصبح دور منظمة التجارة العالمية هامشيا، وقد ظهر ذلك خلال الأزمات الاقتصادية العالمية التي لحقت بالاقتصاد الأمريكي والأوروبي وتأثيرها في الاقتصادات الأخرى، إضافة إلى القضايا التي مرت ببعض دول المنظمة لم يتم تذليلها أو الفصل فيها، كما أن هناك دولا لم تتقيد بالتعليمات والأنظمة الرئيسية للمنظمة ، مثل الولايات المتحدة وأوروبا التي لم تستجب للشكاوى المقدمة للممارسات غير النظامية في بعض القضايا وكسب أغلب القضايا المقدمة ضدها، مرجعا ذلك إلى وجود بعض الثغرات والعبارات الغامضة خلال صياغتها، حيث يمكن تفسيرها بعدة طرق وفق مصالح الدول الكبرى وتكون ضد الطرف الآخر، كما حصل مع فرض الضريبة على الكربون أخيرا، التي ردت إلى تفسير عباراتها الغامضة وفق مصالحهم، فعادة عند إثارة مثل هذه القضايا ترد عليها بقوانين لا يمكن معها أخذ الحق منها، فالمنظمة تقف بجانب الجهة الأقوى وفق نظامها الرأس مالي.
وعاد الكابلي ليوضح المكتسبات التي استطاعت المملكة أن تكتسبها من انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية، استطاعت المملكة أن تحدّث معظم الأنظمة التجارية والاقتصادية بشكل يتلاءم مع الأنظمة العالمية، خاصة فيما يخص التصدير فقد ساعدت الصادرات السعودية ''البتروكيماويات وبعض الصناعات المحلية '' على إيجاد أسواق في الخارج بعد أن كانت بعض الدول تضع حواجز وعوائق جمركية أمام الصادرات السعودية، ولكن فيما يخص الاستيراد لم تتأثر المملكة وذلك لعدم وجود حواجز جمركية حيث تعتبر المملكة من أكثر الدول انفتاحا على الاستيراد، ولكن ما كان يضر الاقتصاد السعودي هو فتح الاستثمار الأجنبي في المملكة خاصة أن المملكة تحتوي على أعداد كبيرة من الأجانب إضافة إلى رفع القيود على تعاملات الأجانب، فأنظمة التقاضي كانت لابد أن تتوافق مع أنظمة المنظمة التي استشعرها المستثمر الأجنبي بشكل أكبر من المواطن.
وحول انحياز منظمة التجارة العالمية أشار وديع إلى أن منظمة التجارة العالمية تسير وفق نظام رأس مالي بغض النظر عن الدول الكبرى والصغرى، ففتح الحرية التجارية وفتح الأبواب من النظريات الاقتصادية الرأس مالية التي تؤدي إلى قيام شركات كبرى وحصول الدول الكبرى على مزايا أكثر من الدول النامية، وذلك لأن تأسيسها كان بواسطة الدول المسيطرة التي تسعى إلى أن يكون الاقتصاد التجاري على النمط الحر وقد تتنافي تلك الحرية الاقتصادية مع مصالح بعض الدول الضعيفة أو المستضعفة التي لاتستطيع أن تنافس رغم أن بعض البنود تعطي معاملة تفضيلية لبعض الدول النامية لجذبها للانضمام إلى المنظمة إلا أن نظامها رأس مالي يدعم الجهة الأقوى بطبيعة الحال، حيث هناك دول ذات اقتصادات كبرى مثل روسيا لم يتم قبول انضمامها إلى المنظمة، مما يظهر أن لها شروطا تريد أن تمليها على بعض الدول إذا أرادت الانضمام.
وأبان الدكتور سامي النويصر الرئيس التنفيذي لشركة السامي القابضة أن منظمة التجارة العالمية أصبحت منظمة مزدوجة المعايير تنحاز إلى جهات معينة، ظهر ذلك خلال السنوات الخمس الأخيرة، فما يطبق على دول العالم الثالث لا يطبق على الدول الأوروبية وأمريكا واليابان وما تنص عليه الأنظمة لا يتم تنفيذه، فالانفتاح الاقتصادي وحرية التجارة لا يطبق بالشكل الصحيح وفق أهداف المنظمة، وهو ما تسبب في عرقلة حركة منظمة التجارة العالمية أخيرا وحدوث تصادمات بين بعض الدول.
ولفت النويصر إلى أن منظمة التجارة العالمية منظمة يحتاج إليها العالم لعدم توافر البديل، فقد سارت بنهج واضح وممتاز منذ تأسيسها بإزالة الحدود والعوائق التجارية بين دول العالم وتوسيع دائرة التبادل التجاري وحسم الخلافات، ولكن مع تغير الأوضاع الاقتصادية في العالم الغربي ظهرت الازدواجية وعدم الالتزام بالمعايير التي خلقتها، والانحياز الكبير لبعض الدول والسير وفق مصالحها بشكل لافت حد من استفادة الدول النامية من الانضمام إلى المنظمة، وقال إن ازدواجية المعاييرأصبحت تتوسع بالمنظمة، فربما يتم اتهام المملكة العربية السعودية بدعم المنتجات البترولية والمنتجات البتر كيميائية، بينما ألمانيا تدعم توليد الطاقة البديلة، وتدعو المنظمة إلى تبادل المصالح والمنافع بينما ترفض بعض الدول الكبرى في المنظمة نقل التكنولوجيا إلى خارج محيطها، وهو ما حصل أخيرا عندما قامت المنظمة بعمل يناقض أنظمة المنظمة وذلك عندما رفضت أوروبا رفضا تاما تصدير الآلات ونقل التكنولوجيا للمملكة لدعم مصانع إنتاج المواد الأولية ومساعدتها على تنويع مصادر الدخل، وزاد أن جميع استثمارات العالم الثالث محدودة باستثمارات معينة غير منتجة كالفنادق وشراء الحصص من الشركات الكبرى ، بعكس الدول الكبرى والصين التي تستخدم نفوذها واستراتيجيتها لنقل التكنولوجيا إلى بلدها لإعادة تصديرها، حيث تعمل باستراتيجية ورؤية مستقبلية واضحة طويلة الأجل. وأكد النويصر أن استمرار منظمة التجارة العالمية على نفس النهج البائت يجعل أنظمتها معطلة ومسخرة لصالح من ابتدعها من الدول الكبرى وزيادة تضرر الدول النامية، كما يعمل على خلق تكتلات بين الدول، مثلما حصل بعد فرض الدول الأوروبية ضريبة على الكربون بخلق تكتل كبير للدول منها الهند والصين والسعودية وبعض الدول التي رفضت الضريبة لتضرر الكربون والطيران على حد سواء، كما سيعمل على إقامة جهة حيادية تخلق أحزابا تضر مسيرة المنظمة. وحول احتمالية خروج الدول من المنظمة استبعد النويصر خروج أي دولة من الدول الأعضاء خاصة مع توسع التجارة العالمية والعولمة ولعدم وجود البديل فالمنظمة تعتبر همزة الوصل التجارية بين دول العالم ونافذة التواصل ولكن وفق مصالحها.
وحول مكتسبات المملكة من انضمامها للمنظمة أشار النويصر إلى أن الاستفادة التي حققتها المملكة ما زالت محدودة جدا، مقارنة مع الامتيازات الاقتصادية التي تمتلكها، فالمملكة دولة بترولية كبيرة وذات احتياطيات عالمية عالية تسجل المرتبة الثالثة ولها وزن اقتصادي كبير لم تستفد منه بالشكل الكافي وبما يخدم مصالحها في المؤسسة، أسوة بالصين التي تستخدم نفوذها المالي باتفاقياتها وبما يتناسب مع مصالحها، مرجعا ذلك إلى عدة أمور خارجية وأخرى داخلية خاصة بأنظمة المنظمة، تتصدرها الازدواجية في المعايير والانحياز الكبير لبعض الدول والسير وفق مصالحها، إضافة إلى تباطؤ وتأخير المعاملات والحقوق المستحقة في حال تمت المطالبة بها، مبينا أن عدم استخدام القوة المالية كجزء من مفاوضاتنا مع الدول المنظمة للمنظمة إضافة إلى عدم وجود تنسيق بين الجهات الاستثمارية للاحتياطيات المالية للمملكة مع الجهات المفاوضة واستخدامها كقوة، زادت من الاستنزاف المالي والهدر غير الموجه لصالح البلد وعدم الاستفادة وتسخير قوتها المالية لعقد الاتفاقات والمفاوضات، أسوة بالدول الكبرى. وفي الجانب الداخلي لا يوجد تنسيق بين الوزارات والجهات المعنية في المنظمة لمعرفة الحقوق والاستفادة من الامتيازات التي تمتلكها المملكة فكل جهة تعمل بشكل مستقل بذاتها مع المنظمة فعمليات التفاوض منفصلة عن الجهات الاستثمارية المالية والبترولية مما أضعف فرص الاستفادة من الامتيازات التي تمتلكها المملكة، وقال هناك كثير من القضايا المعطلة لم ترفع وهي من صلب حقوقنا مما يجعلها خسارة لنا فلا يوجد منهج واضح واستراتيجية تربط جميع الجهات المعنية بالتجارة العالمية لفرض قوة الاقتصاد السعودي عند المفاوضات والاتفاقيات.
وحصر النويصر مكتسبات المملكة في اتجاهين: مكتسبات استطاعت تحقيقها ومكتسبات معطلة، فقد استطاعت توسيع دائرة نشاطها التجاري مع دول أخرى، إضافة إلى توجه المملكة إلى الاقتصاد المعرفي المتماشي مع التوجه العالمي، وحصول المملكة على المرتبة 12 من ناحية أفضل بيئة استثمارية لتطبيقها معايير منظمة التجارة العالمية، فالإصلاحات الاقتصادية التابعة للخطة الخمسية التي أقرتها المملكة وبدأت عام 2009م وخصصت لها 400 مليار دولار للإصلاحات الاقتصادية متماشية مع متطلبات المنظمة العالمية، النهوض بالاقتصاد بفكر جديد ونهج جديد.
وشدد النويصر على ضرورة ربط المفاوضات بالجهات الاستثمارية المالية بحيث تستخدم الاحتياطيات المالية كقوة في صنع القرار والمفاوضات، أسوة بالدول الكبرى وبما يتماشى مع مصالح المملكة ، وعدم الاعتماد على قوة المفاوضات وقوة الأنظمة في منظمة التجارة العالمية التي تنحاز إلى بعض الدول، وحتى لا تكون معزولة عن العالم التجاري.
من جهة أخرى أشار عبد العزيز السريع إلى أنه لا توجد فائدة مباشرة للمستثمرين استثمارات دولية، وقال: '' لم نلتمس أي فائدة من انضمام المملكة العربية السعودية لمنظمة التجارة ، مرجعا ذلك إلى التباطؤ في نقل المعلومة للتجار المعنيين بالتجارة الدولية، ولا توجد أي اجتماعات للجهات ذات العلاقة بالمنظمة مع التجار لبحث التسهيلات والاستفادة منها ومعرفة الواجبات والحقوق، خاصة مع توسع حجم الاستثمارات السعودية الدولية والتنافس بين الاستثمارات، مبينا أن المملكة تمتلك مكانة اقتصادية كبيرة لابد من الاستفادة منها سواء للمستثمرين السعوديين في الخارج أو الاستثمارات الحكومية في الخارج، وشدد على ضرورة عمل مركز معلومات لتوضيح الصور، وآلية عمل منظمة التجارة العالمية، ومعرفة إيجابياتها، وطرح القضايا التي استطاعت المملكة أن تكسبها، والثغرات التي عرضت المملكة للتعثر، ليكون أمامنا منهج واضح يستطيع أي تاجر دولي الاستفادة منه، إضافة الى تكثيف الدورات التوعوية والمؤتمرات التي توضح آلية عمل المنظمة والتغيرات بشكل دوري.
No comments:
Post a Comment